ليس هناك شك في أن الحكومة الأردنية تواجه تحديًا هائلًا في إخراج البلاد من مأزقها السياسي والإقتصادي الحالي. لكن هذا الوضع يتطلب إصلاحاً شاملاً للنظام التعليمي برمته كونه يشكل أحد أهم أسس التنمية السياسية والإقتصادية والإجتماعية المستدامة، وهذا يتم من خلال العودة لتحقيق الجودة وإستقلالية المؤسسات التعليمية ونجاح الأهداف التربوية، مع الحفاظ على أسس المناهج الدراسية الوطنية التي مكّنت الأردنيين من المشاركة في إحداث التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات في مجتمعهم منذ عقود.
ومن الضروري أيظا أن تراعي الحكومة الأردنية الفوارق الإقليمية والدولية في أي إستراتيجية لإصلاح التعليم العالي. فعلى سبيل المثال سعت الحكومة الأردنية لإصلاح التعليم العالي وذلك بإلموافقة على مراحل إصلاح المنظومة التعليمية منذ إعلان الإستقلال وليومنا هذا. وكذلك، وفي إطار إنفتاح الجامعات الأردنية على قارات العالم، والذي يؤكد على عمق علاقات التعاون والصداقة بينهما، حيث قام الأردن بتسهيل إجراءات إستيعاب عدد كبير من الطلبة من مختلف الجنسيات في جامعاتها، من خلال تسهيل إجراءات التسجيل والقبول في مختلف التخصصات، وكذلك توفير منح دراسية للطلبة الأجانب في مختلف التخصصات في مختلف القطاعات.
في المقابل، واجه الأردن تحديات داخل المؤسسة التعليمية تمثلت في إنعدام إستقلالية المؤسسة التعليمة، وعدم إشراك تلك المؤسسات بالسياسات العامة للدولة، ومن جهة أخرى التحديات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، والتي أثرت بشكل واضح على العملية الإصلاحية برمتها على الرغم من الإنجازات التي تمت. وعليه، فعملية إصلاح التعليم العالي في الأردن لا زالت في تباطؤ بالمقارنة مع الأهداف الإصلاحية المرجوه تجاه المؤسسة والنظام التعليمي برمته في الأردن، الأمر الذي جعل نجاح العملية الإصلاحية تلك مرهون بالواقع والتحديات التي مازالت تواجه الأردن، وبالأخص التحدي السياسي الملحوظ. لهذا، فالعلاقة طردية ما بين العملية الإصلاحية والتغيرات السياسية في البلاد منذ إعلان الإستقلال في الأردن وليومنا هذا.
جاءت عملية إصلاح التعليم العالي في الأردن بهدف مواكبة واقع النمو والتطور السياسي والإجتماعي في المجتمع الأردني، وتلبية لإحتياجاته المجتمعية من جهة، ومن جهة اخرى ضرورة ملحة لرسم سياسات جديدة لمرحلة زمنية جديدة بملامح إجتماعية وسياسية جديدة، تتطلب السعي لمواكبة التطورات السياسية والإجتماعية والإقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، سعيا ً لتحقيق تنمية مستدامة وبناء مؤسساتي معاصر يتلائم ومتطلبات المنظومة الدولية في مجال إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي من أجل تحقيق الرفاه الإجتماعي وسعادة الناس.
فقد تم إنشاء العديد من الجامعات والكليات العلمية العليا، بهدف تلبية متطلبات السياسات العامة من أجل السعي لمواكبة التطورات الإجتماعية والإقتصادية على المستوى الإقليمي والدولي بهذا الخصوص أيظا ً، سعيا ً لتحقيق تنمية مستدامة وبناء مؤسساتي متقدم يتلائم ومتطلبات المنظومة الدولية في مجال إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي. حيث تم إنشاء وتأسيس (٩) جامعات نموذجية في شمال وجنوب المملكة.
إرتبط التعليم إرتباطا ً حميما ً بتطوير بنية المجتمع ومؤسساته، وخاصة عندما أصبح قادرا ً على دراسة مشكلات المجتمع المحلي وإحتياجاته وإيجاد الحلول المناسبة لمعالجتها من خلال التعاون والتنسيق الفعال ما بين المؤسسات المحلية والمؤسسات التعليمية من جهة، ومن جهة أخرى تعزيز مرحلة البناء المؤسساتي من خلال بوابة التعليم العالي برمته، وخاصة أن محاولات الأردن للنهوض والبناء إرتبطت بالتعليم والتعليم العالي ومخرجاته في كافة القطاعات.
توصيات الدراسة،،،
فتح باب التواصل الفعال ما بين المؤسسات التعليمية والجهات الرسمية ذات العلاقة في الأردن، بهدف متابعة تحقيق أهداف عملية إصلاح التعليم العالي وتطويرها، رغم التحديات والتغيرات السياسية والإقتصادية.
قيام المؤسسات التعليمية بمتابعة تحقيق أهدافها التربوية، رغم التحديات والمتغيرات المجتمعية والسياسية، من خلال متابعة ووضع الخطط الذاتية الإستراتيجية في كافة دوائرها التعليمية.
تعزيز التواصل الفعال ما بين المؤسسات التعليمية والمجتمع المحلي، بهدف التعرف وتلبية إحتياجاته من جهة، ومن جهة أخرى السعي لتطوير البحث العلمي بما يتلائم وتلك الإحتياجاتـ والسعي لإنخراطها بالسياسات الوطنية العامة بهدف تحقيق تنمية مستدامة تجاه كافة القطاعات، وأهمها قطاع التعليم العالي.
الإهتمام بالتعليم المهني في المؤسسات التعليمية، بهدف تلبية إحتياجات المؤسسات والمجتمع المحلي من أجل تخفيف عبء البطالة.
تحفيز المؤسسة التعليمية على تعزيز جودة التعليم العالي وتحقيق الحوكمة، بهدف تحسين الأداء التعليمي من جهة، ومن جهة أخرى خلق كادر مؤهل وذو كفاءة قادر على قيادة المؤسسات لتحقيق أهدافها التعليمية والتنموية.
تحفيز الجهات الرسمية وذات العلاقة للسعي لتحقيق إستقلال المؤسسات التعليمية، وخاصة في مواردها المالية، بهدف النهوض وتحقيق أهدافها التربوية بنجاح، وصولاً لتعزيز العلاقة الطردية ما بين أهدافها التربوية وبرنامج عمل الحكومة وبالتالي تلبية رغبات الناس.
تحفيز الباحثين والمفكرين على الإهتمام بمتابعة عملية إصلاح التعليم العالي في الأردن رغم التحديات والتغيرات السياسية والإقتصادية، بهدف إستشراف مستقبل تلك العملية برؤى وتطلعات جديدة، تكون قادرة على تحقيق الأهداف التربوية من جهة، ومن جهة أخرى التغلب على تلك التحديات والسعي لتحقيق تنمية مستدامة في كافة القطاعات.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي