الثالث من أيار، حيث يحتفل العالم فيه «باليوم العالمي لحرية الصحافة» وفقا لما حدّدته الأمم المتحدة (صادف يوم أمس) مختلف تماما هذه المرّة، لأنه يأتي في ظروف انكشفت فيه جميع الأقنعة، وبان كذب المجتمع الغربي وادعاءاته الزائفة حول الحريات الصحفية والنزاهة والشفافية والمصداقية، لأن كل هذه المسميات اتضح أنها أكاذيب وأنها كلمات جوفاء لا يريد من أطلقها من المجتمع الغربي المنحاز إطلاق معانيها على كل المجتمعات بل هي حكر في استخداماتها لصالح اسرائيل فقط ومن يساندها من المجتمعات الغربية!
منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023، ظهر للعالم وبكثير من التفاصيل الانحياز شبه التام من كافة وسائل الإعلام الغربية للسردية والأكاذيب الإسرائيلية، واتضح ان معظم وسائل الإعلام الغربية الكبرى يسيطر عليها إنفاقًا وإدارةً إسرائيليون أو صهيونيون ممن يتبنون المواقف الإسرائيلية ويدافعون عنها، فهي جميعها وسائل إعلام منحازة للرواية والسردية الإسرائيلية وتشارك في حرب الكذب والاشاعات وازدواجية المعايير ولعلّني هنا أستذكر بعض تلك السرديات الكاذبة التي أطلقها الإعلام الإسرائيلي وتبناها الإعلام الغربي بكل وسائله المرئية والمقروءة والمسموعة، بل وتبناها قادة تلك الدول نقلا عن إعلاميين ووسائل إعلام شريكة في الحرب الإجرامية ضد غزة:
1 - نتذكّر جميعا الرواية الكاذبة التي أطلقتها مراسلة قناة «آي24» الإسرائيلية الناطقة بعدة لغات بينها العربية والإنجليزية والفرنسية، في بداية الحرب حين زعمت بأن المقاومة قتلت الأطفال وقطعت رؤوسهم ليتبنى الرواية قادة غربيون منهم الرئيس الأمريكي قبل أن يعتذر البيت الأبيض عن هذه الرواية، وبعد بحث طويل وتتبع لمصدر الرواية، استطاعت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية أن تصل إلى أصل المعلومة وكذبها.
2 - الحرب الإعلامية منذ 7 أكتوبر وهي تستخدم بكل تقنياتها وفنونها من ذكاء اصطناعي ورقمي وسبراني داعم للمعركتين العسكرية والسياسية، وعبر كافة الوسائل، ومن كافة الأطراف والدول، ونذكّر بالإعلام الحربي والفيديوهات التي تنشرها المقاومة بكل تفاصيلها توثق وتؤكد صدق ما تقول وتفعل، مقابل فيديوهات كاذبة للإعلام الحربي الإسرائيلي الذي سرعان ما يكتشف كذبه وزيفه.
3 - حرب التصريحات الإعلامية المستمرة لمشاهير السياسة والثقافة والاقتصاد والدبلوماسية والعسكرية التي استقطبت ملايين المتابعين والمغردين في العالم والتي كان ولا زال لها الأثر الأكبر بتحريك الشارع العالمي الذي بات يرى ويشاهد بأم عيونه المجازر التي ترتكب ضد الإنسانية من كيان كان يدّعي أنه الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
4 - الأردن.. ورغم أنه لا يملك وسائل إعلام عالمية إلا أنه في مقدمة الدول التي استطاعت التعامل مع الإعلام الغربي وإيصال الرواية الحقيقية الصادقة من خلال تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني عبر مختلف وسائل الإعلام الغربية ومنها «واشنطن بوست» و«اللوموند الفرنسية» وغيرهما.. إضافةً إلى اللقاءات الثلاث المؤثرة لجلالة الملكة رانيا العبدالله لمحطة «CNN» الامريكية ولقاء جلالتها على قناة MSNBC في نيويورك أمس الأول الخميس، ولقاءات وتصريحات رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي.. وتصريحات وزير الاتصال الحكومي الناطق باسم الحكومة د. مهند المبيضين.. والدور الكبير للإعلام الرسمي والخاص الأردني عبر الصحف والتلفزيونات والمواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا التي لا زالت تخوض حرب الدفاع عن الموقف الأردني والقضية الفلسطينية.
5 - الإعلام وحرية الإعلام استهدفت تماما منذ 7 أكتوبر ولا زالت، وذهب ضحية الحقيقة نحو 146 صحفيًا ومراسلاً وإعلاميًا في غزة استهدفهم العدو الإسرائيلي في محاولات يائسة وبائسة لطمس الحقيقة التي ستبقى ساطعة ما دام هناك إعلاميون وصحفيون مؤمنون بشرف الرسالة ونبلها.
*باختصار : في «اليوم العالمي لحرية الصحافة» يؤكد الصحفيون الشرفاء عبر العالم أنهم دائمًا شهداء على العصر، قابضون على جمر الحقيقة، وهم بصدق ما ينقلون عبر الصورة والكلمة والصوت يحركون ضمائر العالم ويدفعون أصحابها للنزول الى شوارع عواصم ومدن الغرب وساحات جامعاتها للضغط من أجل وقف العدوان وإيصال المساعدات إلى غزة.. وسيبقى صوت الحق يعلو مهما حاول العدو وأوتي من دعم وسيطرة على كثير من وسائل الإعلام المؤثرة، إلا أنه كما فشل في إنهاء المقاومة، فشل وسيفشل دائمًا بإسكات صوت الحق ومنع إظهار كذب الظالمين وبشاعة جرائم المعتدين.