أكاد أجزم بأن المملكة الأردنية الهاشمية من أكثر الدول التي تربطها ودول العالم اتفاقيات ومذكرات تعاون وتفاهم وشراكة، نظرا للعلاقات المتميزة جدا (على الصعيد السياسي) وبفضل جهود وعلاقات جلالة الملك الشخصية مع قادة وزعماء العالم، لكنّي- ومن موقع المتابعة- أجزم أيضا بأن هناك العديد من الاتفاقيات والمذكرات خصوصا على الأصعدة (الاقتصادية والتجارية والاستثمارية) غير مستغلة بالشكل الأمثل والمطلوب من قبل مختلف الجهات المعنية، ولو تمّ استثمار تلك الاتفاقيات والمذكرات لكان الوضع أفضل بكثير على صعيد: التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وفتح أسواق جديدة، وخلق الوظائف.
منذ نشأة الدولة.. تم توقيع آلاف الاتفاقيات والمذكرات مع أكثرمن مئة دولة على الأقل، وعلى مدى 25 عاما هناك مئات الاتفاقيات ومذكرات التعاون، ولكن ما هو حجم المنفّذ من تلك الاتفاقيات ومذكرات التعاون؟ وما هي نسبة الاستفادة من تلك الاتفاقيات والمذكرات؟ والسؤال الأهم: من يتابع تنفيذ تلك الاتفاقيات والمذكرات أو عدم تنفيذها؟ ويتابع أسباب ومبررات عدم التنفيذ؟
أهمية ما أتحدث عنه من اتفاقيات ومذكرات تكمن في أنها تمثل بوابات مشرعة لزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري والاقتصادي والجمركي والقانوني والتعليمي والصحي والخدمي وكذلك الإعلامي.. وكل القطاعات التي ستعود على الأردن بالخير العميم من خلال المشاريع المشتركة التي كان من الممكن أن تكون أفضل وأكثر وأشمل مما تم تنفيذه، وانعكاسات تلك المشاريع على خلق آلاف فرص العمل للشباب الأردني بصورة مباشرة وغير مباشرة.
- من تلك الاتفاقيات ما أشير له على سبيل المثال لا الحصر:
1 - الأردن مرتبط مع الاتحاد الاوروبي باتفاقية تعاون اقتصادي (1977)، واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي (1997).
2 - اتفاقية الشراكة بين الاردن والاتحاد الاوروبي تشمل معظم الدول الاوروبية مثل (إيطاليا - بلغاريا -بولندا - جمهورية التشيك -اسبانيا -هولندا -المانيا -النمسا - رومانيا -فرنسا - كرواتيا -هنغاريا - قبرص -اليونان -بلجيكا -ايرلندا -والبرتغال -..الخ).
3 - الاتفاقيات التجارية وغيرها تشمل كافة القارات، فهناك اتفاقيات (تعاون تجاري) مع كثير من دول القارة الآسيوية مثل: الصين -الهند -ماليزيا -الباكستان -سنغافورة -الفلبين- وفيتنتام -..الخ، واتفاقيات أخرى مع تركيا واندونيسيا.
4 - مع القارتين الامريكيتين هناك أيضا العديد من الاتفاقيات مع: الولايات المتحدة الامريكية -كندا -المكسيك -البرازيل -الارجنتين -الباراغوي -الخ.
5 - حتى القارة الاسترالية هناك اتفاقيات معها (اقتصادية وتجارية).
6 - اتفاقيات مع دول افريقية ومنها: (أثيوبيا -غانا - الكونغو -وغيرها).
7 - هذا عدا الاتفاقيات العديدة مع الدول العربية على صعيد جامعة الدول العربية أو الاتفاقيات الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية.
الحديث حول مختلف تلك الاتفاقيات ومذكرات التعاون وتفاصيلها، يحتاج الى مساحات أوسع من مجرد مقال، لكن لابد من الاشارة في هذا الصدد الى ما يجب بحثه ومراجعته من الجهات المختصة والتي ألخّصها في ما يلي:
1 - هناك اتفاقيات ومذكرات تحتاج الى مراجعة بالتأكيد، من حيث مدى الاستفادة منها، مع الاشارة الى أن هناك العديد من الاتفاقيات التجارية ما بين الاردن وكثير من الدول الأوروبية على وجه الخصوص (غير سارية).
2 - هناك اتفاقيات ناجحة جدا، بل ان الميزان التجاري فيها لصالح الاردن وفي مقدمتها (اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية عام 2000).
3 - ما أشرت اليه أعلاه تتعلق فقط بالاتفاقيات (الاقتصادية والتجارية وما شابهها) والاّ فهناك اتفاقيات ومذكرات تعاون في مختلف القطاعات الاخرى ومنها (التعليم -الصحة -المياه - الثقافة -الاعلام -الطاقة -..الخ ) وكلها تستوجب المتابعة والمراجعة بقصد الاستفادة القصوى منها.
4 - هناك اتفاقيات (شراكة استراتيجية) مع دول عظمى وكبرى تم التوقيع عليها، وتفتح المجال أمام استثمارات مشتركة (بالمليارات)، بعضها استغل جزئيا وبعضها لم يستغل أو يستثمر.
5 - أين دور القطاع الخاص في هذه الاتفاقيات ولماذا لم يستفد منها كما يجب؟ رغم أن معظمها يفتح له أبواب التجارة والصناعة والاستثمار.. هذا عدا اتفاقيات وقّعها القطاع الخاص مع نظرائه، ولم يستفد منها بالشكل المطلوب!
باختصار: الاتفاقيات والمذكرات وقعت بجهود سياسية أردنية تعزيزا لمكانة الاردن وقيادته، وهي تتطلب جهدا أكبر من القطاعين العام والخاص للاستفادة منها وتذليل المعوقات التي تحول دون الاستفادة القصوى منها.. لأن توقيع تلك الاتفاقيات ومذكرات التعاون وحتى الشراكات لم توقع لمجرد التوقيع، بل هي وسيلة من أجل تحقيق عدة أهداف في مقدمتها: جذب الاستثمارات التي تؤدي لرفع معدلات النمو القادرة على خلق مزيد من الوظائف وكل هذه الأهداف تشكل الركائز الرئيسة في «رؤية التحديث الاقتصادي 2033».