زاد الاردن الاخباري -
قبل عامين قرر الأردن التعامل بحزم مع ظاهرة استعراض القوة والتلويح بها وترويع الناس من قبل أشخاص اعتقدوا أنهم فوق القانون وهي المعروفة بظاهرة البلطجة وفرض الأتاوات بغير وجه حق.
في قاعة المحكمة المختصة بالنظر بقضايا البلطجة والاتاوات في محكمة صلح جزاء عمان برئاسة القاضي عطية صالح السعود، رصد على مدار شهرين ثلاث قضايا متهم بها ثلاثة أشخاص تبين خلال المحاكمة أن بحقهم سجلا حافلا بالأسبقيات الجرمية؛ فالأول بحقه 55 قيدا جرميا، والثاني 20 قيدا، والثالث 8 قيود جرمية وجميعها غير مشمولة بالعفو العام بنص القانون لخطورتها على أمن المجتمع ونسيجه الاجتماعي.
وفي التفاصيل تبين أن الأول (أربعيني) بحقه عدد من الجرائم الماسة بالشرف والأخلاق كالمقاومة وهتك العرض وشهادة الزور والافتراء والهوية الكاذبة والسرقة وحمل وحيازة سلاح ناري وإطلاق العيارات النارية وتعاطي المواد المخدرة والتعامل بالمستحضرات في غير الحالات المسموح بها وغيرها من الجرائم وبحقه 55 قيدا جرميا ولخطورته على الأمن العام سبق وأن فرضت عليه الإقامة الجبرية لعدد من المرات ولوحق أمام محاكم الصلح عن مخالفة قانون منع الجرائم ولعدد من المرات ولكن دون جدوى لعدم التزامه بشروط الإقامة.
وتتابع المحكمة النظر في هذه القضية ليتبين لها من الوقائع أن المتهم بلغ من سوء الخلق مبلغا عظيما وخان عهد الله وأمانته بحق والديه حيث قام مرارا وتكرارا بدفع والده والتهجم عليه وتخويفه وتهديده بالقتل وتحويل المنزل الى وكر لتناول المواد المخدرة مع رفاق السوء لتقرر المحكمة حبسه لمدة ثلاث سنوات.
ويتابع القاضي عطيه السعود النظر بقضية بلطجة أخرى وهذه المرة مع شاب يبلغ من العمر 25 عاما (حلاق سيدات) مسجل بحقه عدد من الجرائم الماسة بالشرف والأخلاق كالمقاومة وحيازة وتعاطي المواد المخدرة ولخطورته على الأمن العام سبق وأن فرضت عليه الإقامة الجبرية ولوحق أمام محاكم الصلح عن مخالفة قانون منع الجرائم لعدم التزامه بتعليمات الإقامة وبحقه 20 قيدا جرميا منها الشروع بالانتحار وإفلات حيوان مؤذ وسب الذات الإلهية.
وتبين للمحكمة من الوقائع الثابتة أن هذا المتهم اعتاد على بأخذ مشترياته من إحدى البقالات دون دفع قيمتها واعتدى على صاحب البقالة لتقرر المحكمة حبسه لمدة ثلاث سنوات والرسوم محسوبة له مدة التوقيف.
وفي القضية الثالثة استمعت المحكمة لقصة المشتكي مع بلطجي (عشريني) من ذوي الأسبقيات الجرمية وبحقه عدد من الجرائم الماسة بالشرف والأخلاق كالسرقة وهتك العرض الأفعال المنافية للحياء العام وبحقه 8 قيود جرمية. يقول المشتكي إن المشتكى عليه "وبعد انتهاء صلاة المغرب اعتدى عليه بالضرب، كما اعتدى على إمام المسجد مستخدما أداة حادة (موس) وأصابه بجرح بليغ في يده اليسرى، ثم قام بشق لباس أحد المصلين بواسطة الموس الذي كان يحمله، وكانت غايته من استعراض القوة ترويع المشتكي وتخويفه بإلحاق الأذى به وإشاعة شرعة الغاب والبلطجة"، حيث قررت المحكمة حبسه لمدة ثلاثة سنوات والرسوم محسوبة له مدة التوقيف.
ونص المشرع الأردني على أن قضايا البلطجة غير مشمولة بأحكام قانون العفو العام رقم (5) لسنة 2024 والذي صدر أخيرا ولذلك لم يتم اسقاط أي منها بقانون العفو العام في حين تم اسقاط بعض الجرائم المتلازمة مع جنحة استعراض القوة البلطجة.
وتصدت المادة 415 مكررة من قانون العقوبات المعدل رقم 10 لسنة 2022 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد رقم 3583 تاريخ 25 أيار عام 2022 لظاهرة الترويع والتخويف المسماة "البلطجة".
وورد للهيئة الحاكمة في قصر عدل عمان والمختصة بقضايا البلطجة برئاسة القاضي السعود 123 دعوى وارد عام كجريمة منفردة أو متلازمة مع جنح أخرى من تاريخ نفاذ النص في حزيران عام 2022 وحتى تاريخ 21 نيسان من العام الجاري 2024، فصلت في 115 منها وبقي منظورا لديها 8 دعاوى وتوصلت في 67 دعوى منها لإدانة المشتكى عليهم بعقوبة الحبس لمدة بلغت في حدها الأدنى سنتين وفي حدها الأعلى ثلاث سنوات ولم تقم الهيئة الحاكمة باستعمال الأسباب المخففة التقديرية.
وتشير الأرقام الرسمية لدى المحاكم إلى تسجيل 3 آلاف و253 قضية أتاوات في محاكم المملكة كافة خلال العام الماضي 2023 والأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2024 حيث تم الفصل في الفين و492 قضية منها، وصدرت أحكام إدانة في 1097 قضية وبنسبة بلغت نحو 44 بالمئة ووصلت العقوبات إلى السجن حتى 5 سنوات.
وبحسب الأرقام الرسمية الخاصة بالمجلس القضائي ورد إلى المحاكم خلال عام 2023 ألفان و493 قضية تم الفصل في ألفين و90 قضية، منها 857 تم الحكم فيها بالإدانة وبنسبة بلغت 41 بالمئة من مجموع الأحكام الصادرة عن المحاكم، وتراوحت مدة الحبس في هذه القضايا بين شهر إلى 5 سنوات.
وخلال الأشهر الخمسة الاولى من العام الحالي ورد للمحاكم ما مجموعه 760 قضية تم الفصل في 402، وكان عدد أحكام الإدانة فيها نحو 189 قضية وبنسبة 47 بالمئة من مجموع الأحكام الصادرة عن المحاكم، وتراوحت مدة الحبس فيها بين الشهر إلى السنتين.
ونصت المادة 415 مكررة من قانون العقوبات على أنه ومـع عـدم الإخلال بأي عقوبـة أشـد ورد النص عليهـا فـي أي تشريع آخر فإنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين كل من قام بنفسه أو بواسـطة غيـره باستعراض القـوة أمـام شـخص أو التلويح له بالعنف أو بتهديده باستخدام القوة أو العنف معه أو مع زوجه أو أصوله أو فروعـه أو أقاربـه حتـى الدرجة الثالثة أو التهديد بالافتراء عليه أو على أي أحد منهم بمـا يشينه أو بالتعرض لحرمـة حياتـه أو حياة أي منهم الخاصـة وذلك لترويع المجنـي عليـه أو تخويفـه بإلحاق الأذى به بدنيا أو معنويا أو هتك عرضه أو سلب ماله أو تحصيل منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو لإرغامه على القيام بعمل أو لحمله على الامتناع عن عمل أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو الأنظمة أو مقاومـة تنفيـذ الأحكـام أو الإجـراءات القضـائية أو القانونية واجبة التنفيذ متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريتـه الشخصية أو شـرفه أو اعتبـاره أو بسلامة إرادته".
وتكـون العقوبة حسب الفقرة ب من المادة 415 الحبس ثلاث سنوات اذا وقع الفعـل أو التهديد من شخصين فأكثر أو وقع باصطحاب حيوان يثير الذعر أو بحمل سلاح أو آلة حادة أو عصا أو أي جسم صلب أو أداة كهربائيـة أو مـادة حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرة أو منومة أو أية مادة أخرى ضارة.
وتصدى المشرع الأردني لظاهرة الترويع والتخويف المسماة (البلطجة) والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بتجريمها والنص على العقوبة الرادعة لها بقانون العقوبات القابل للتعديل والتطوير مسايرة لمقتضيات العصر ومطالب المجتمع.