سؤال يرادوني منذ أكثر من سبعة أشهر، يكمن فيما إذا كانت حكومة اليمين المتطرّف تمتلك آذانا كغيرها من البشرية؟ ألم أولا تسمع أن كل ما تقوم به من حرب إبادة على بقعة جغرافية صغيرة أسقطت عليها من الصواريخ والقذائف ما لا تتحمله دول كبيرة جرائم حرب لها عواقب خطيرة عليها وعلى المنطقة والعالم؟، حقّا ألم تسمع كل الأصوات التي تصرخ يوميا بضرورة وقف إطلاق النار ووقف الحرب ووقف جرائمها التي ارتكبتها بحق الأطفال والنساء والأبرياء؟.
في واقع الحال وعلى ما يبدو ظاهرا للجميع أنها حكومة لا تسمع، أو لا تريد أن تسمع، وتغلق آذانها حيال كل الأصوات التي تسعى لإنصاف الفلسطينيين وتحديدا أهلنا في غزة، فلو قصّ أحدهم ما تشهده غزة منذ قرابة الثمانية أشهر، لظننا أنه يروي قصة خيالية مزعجة، أو فيلما سينمائيا أراد مؤلفه ارعاب المشاهد، حرب تزداد جرائم وعنفا مع مرور الأيام لا تقف عند حدّ محدد من الانتهاكات والاعتداءات والمخالفات الخطيرة للقوانين الدولية، يوميا تقترف المزيد منها، دون توقف أو حتى الأخذ بأي من أصوات الحق على محمل التطبيق ولو في جوانب الإنسانية المتعلقة بالأطفال والنساء، فباتت مشاهد استشهادهم بآلات الحرب الإسرائيلية تزداد ألما ووجعا وعنفا وإجراما.
وتستمر جرائم الاحتلال دون توقف على أهلنا في غزة، في احتلالها للجانب الفلسطيني من معبر رفح وإغلاقه أمام دخول المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة الذين يواجهون كوارث إنسانية حقيقية غير مسبوقة، وبالطبع رافق ذلك توسع في العمليات العسكرية والعدوانية في مدينة رفح، في انتهاك فاضح لقواعد القانون الدولي والإنساني، وانتهاك صارخ لجميع القيم الإنسانية، ووضع كافة الأصوات والجهود لوقف إطلاق النار خلف مسامعه.
ووصلت جرائم الاحتلال للمس بقوافل المساعدات الأردنية والاعتداء عليها من قبل المستوطنين، وكذلك الاعتداء على مقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في القدس المحتلة، لتزداد تحديات الاحتلال الصارخة للقانون الدولي الذي ينص على ضرورة حماية منشآت الأمم المتحدة، وكل يوم تظهر به شمس لصباح جديد يرتكب الاحتلال مجزرة جديدة وجريمة أكثر بشاعة من كل ما شاهدنا في أيام سابقة، وكأن الاحتلال يمنحنا فرصة عدم الاعتياد على مشاهدة مجازره في غزة، كونه يجددها يوميا، بإصرار على عدم الانصات لأي رأي وموقف وسعي حثيث لوقف هذه الحرب.
الحرب على غزة، لم تعد حربا على هذه المدينة الساحلية الجميلة، إنما حرب على الإنسانية والأخلاق والقوانين الدولية، وعلى حقوق الشعب الفلسطيني، حرب على العدالة، وكل من ينصرها ففي اعتداء المستوطنين على قوافل المساعدات الأردنية حرب وجريمة حرب على العدل والحق ونُصرة أهلنا في غزة وفلسطين، جريمة على الأيادي الأردنية البيضاء التي تمتد لسند وعون أهلنا في غزة، بمساعدات إنسانية وغذائية هم بأمس الحاجة لها، دون أن يرمش لهم جفن إنسانية وحق، وعدالة، فمن يعاني اليوم ويستشهد ويجوع ويمرض ويصاب أطفال أبرياء ونساء ومدنيون أبرياء يحمون ما بقي لهم من تفاصيل الحياة بأجسادهم وأرواحهم، فيما يمضي الاحتلال بجرائمه فاقدا كافة حواسه البشرية مع سبق الإصرار حتى لا تسمع أصوات السلام.
ويبقى الأردن قابضا على ثوابته بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بالتحذير من العواقب الخطيرة للعملية العسكرية الإسرائيلية البرية في رفح، وضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وتكثيف جهود إيصال المساعدات الإنسانية للقطاع، مع تأكيدات إدانة الاعتداء على قافلة مساعدات أردنية كانت متجهة إلى غزة عبر معبر بيت حانون من قبل مستوطنين إسرائيليين متطرفين، في سعي حقيقي على المستويات كافة، في سعي لن يتوقف نُصرة لأهلنا في غزة وفلسطين.