إن إدارة الملك في الأردن، تعد الضامن لعبور الدين الإسلامي بكونه نصوصا إلى عقول الناس ومجتمعاتهم بشكل رحيم وسطي وآمن.
إن جلالة الملك عبدالله الثاني يعكف على جملة من الآليات التي تمكن من ترسيخ قيم الدين الإسلامي داخل المجتمع بكل مكوناته.
و أن تحقيق هذا الأمر يتطلب مجموعة من الآليات والمقتضيات وفق النهج النبوي الشريف، ولاسيما في زمن الذكاء الإصطناعي والثورات التكنولوجية ومجتمع المعرفة مع إستحضار الأبعاد الهوياتية للمملكة، مبرزا المكانة المحورية للعلماء في تحقيق ذلك.
إن البديل الحضاري لمواجهة التدهور "الحداثي" يكمن في الإسلام ، إذ إن تعاليم الإسلام تدور حول نطاق مركزي يضبط ما يصدر عنها بضابط سماوي إلهي، فهو بالتالي ضابط أخلاقي معصوم بعصمة الشريعة ومصدرها، فالأخلاق هي "النطاق المركزي" في الإسلام، وهي قادرة على مواجهة النطاق المركزي في الحضارة الأوروبية وحداثتها والتي لا تعتمد الأخلاق معيارا ضابطا لسلوكها، بل تعتمد "المادية" والمصلحة النفعية نطاقا مركزيا لها يمكن أن ينحرف ويدمر البشرية كما هو حاصل اليوم في عالمنا المعاصر.
إن إختلاف النطاق المركزي بين الإسلام والحداثة ينتج ذاتين إنسانيتين متباينتين مختلفتين، وبالتالي، السلوك البشري في كل منظومة ملتزم بنطاقه المركزي سيكون مغايرا للآخر، وعليه سيُنتج نتاجا حضاريا مختلفا وفق نطاقه المركزي الخاص.
إن إنسجام النظامين أو تعايشهما أو تكيف أحدهما مع معايير النظام الآخر، وليس بناء على إختلاف النطاقات المركزية فحسب، بل بناء على الطبيعة البنيوية لكل نظام، فالبنية الخاصة في الشرعية الإسلامية والمجتمع المسلم تفرض قوالب خاصة موائمة لتلك البنية، وتنعكس تلك القوالب على طبيعة الحكم والسلطة والمجتمع والقضاء وعلى مفاهيم السيادة والمرجعية والوظائف و"الدولة" و"القانون"و"المواطن"، وهذه المفاهيم مأخوذة بمسمياتها من الدولة الحديثة، إلا أن دلالاتها ومفاهيمها مغايرة ومختلفة في الشريعة والمجتمع المسلم.
إن المهم في هذا الأمر أن هناك أفقا أوسع فُتح، يمكننا التحليق فيه والبحث من خلاله عن حل لمشكلتنا نحن الأمة، والحضارة العربية والإسلامية المطلوب منها القيام بدور إستثنائي بحجم إستثنائية الرسالة الخاتمة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لهذه الأمة التي أخرجت للناس كافة.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي