أقلّ من أربعة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات البرلمانية، التي حدّدت «الهيئة المستقلة للانتخابات» موعدها في العاشر من أيلول المقبل، بعد صدور الإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات.
الجهود التي تبذل حالياً من الحكومة والأحزاب وكافة القوى الوطنية والجهات المعنية تعمل على تعزيز المشاركة الانتخابية، والحث على مشاركة أكبر في الانتخابات المقبلة (رفع نسبة الناخبين).. وهذه الجهود محقّة ولديها مبررات في مقدمتها:
1 - أن إجراء الانتخابات هذا العام رغم الظروف الجيوسياسية يؤكد قوة واستقرار الدولة الأردنية، وأن الظرف يحتاج الى برلمان جديد قادر على المشاركة في القرار خصوصاً في هذه المرحلة التي يمر بها الإقليم والعالم.
2 - أن تعزيز وزيادة المشاركة تعني زيادة إيمان نسبة أكبر من المواطنين بأهمية المشاركة بصنع المستقبل.
3 - أن المشاركة تؤكد الإيمان بمنظومة التحديث السياسي التي تعدّ انتخابات 2024 أول تجربة لها بعد قانونين جديدين هما : قانون الانتخابات وقانون الأحزاب، وتعديلات دستورية تتماشى مع القانونين الجديدين.
4 - انتخابات 2024 أول تجربة في المئوية الثانية للدولة الأردنية بـ( مقاعد حزبية / 41 مقعداً حزبياً من 138 إجمالي المقاعد) وصولاً الى أحزاب قادرة على تشكيل حكومات بعد نحو 10 سنوات.
لذلك من المهم العمل بجد على حثّ الناخبين على التوجه نحو صناديق الاقتراع لممارسة حقهم السياسي بالاختيار- حتى ولو من خلال وضع ورقة بيضاء - لأن المشاركة هي الأساس، ثم حسن الاختيار، فهناك 138 مقعداً سيتم اشغالها صوّت من صوّت وامتنع من امتنع، لكن مشاركة أكبر تعني تمثيلاً أوسع واختياراً أفضل.. كما أن المشاركة الأكبر تحدّ بالتأكيد من « المال الأسود »، لأن كثرة الناخبين ستصعّب كثيراً محاولات شراء أصوات لن تؤثر مع كثرة المشاركة.
لزيادة المشاركة في الانتخابات المقبلة من المهم التركيز على فئتين قادرتين على صناعة الفرق:
أولاً - المرأة :
والتي تشكّل نصف المجتمع، ولطالما فاقت مشاركة الناخبات نسبة الناخبين في كثير من الدوائر، ولطالما ساهمت الأصوات النسائية بإيصال مرشحين إلى قبة البرلمان ، والمرأة اليوم أمام فرصة تاريخية، ترشّحا وانتخابا، أما ترشحا فقد زاد قانون الانتخاب الجديد من مقاعد «الكوتا النسائية »فأصبحت (18) مقعداً في الدوائر المحلية (من إجمالي 97 مقعداً )، ارتفاعاً من (15/ من إجمالي 130 مقعداً)،..وحزبياً، فقد فرض قانون الأحزاب الجديد وجود امرأة في أول (3) أسماء لكل كتلة، الأمر الذي سيتيح فرصة كبيرة وتاريخية كي نشهد أعدادا غير مسبوقة للمرأة في المجلس المقبل، خصوصاً وأن قانون الأحزاب أيضاً اشترط أن يكون نحو (20 %) من مؤسسي الحزب من النساء، وأرقام الهيئة المستقلة للانتخاب تشير اليوم الى أن (44 % ) من المنتمين الى الأحزاب الـ( 38) التي يحق لها المشاركة في الانتخابات المقبلة هن من النساء، وهذه نسبة مهمة وقادرة على إحداث تغيير في الانتخابات المقبلة.
ثانياً - الشباب:
وهي فئة تشكل 70 % من المجتمع الأردني، وركّز عليها قانونا الانتخاب والأحزاب الجديدين، وبعد أن أصبح سن الانتخاب (18 عاماً)، خفّض القانون سن الترشح إلى ( 25 عاماً)، كما فرض قانون الأحزاب أن يكون هناك شاب من بين أول خمسة أسماء في القائمة، وتعريف الشاب هو أن يكون دون الـ( 35) عاما، لذلك فإن مشاركة الشباب في صنع القرار مهمة جدا، وتشير إحصائيات الهيئة المستقلة للانتخابات بأن نسبة الشباب المنضوين في الأحزاب بلغت نحو (38 %) من إجمالي المنتسبين للأحزاب (حوالي 86 ألف منتسب).
* باختصار: إذا أردنا رفع نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة لا بد من بذل جهد أكبر باستهداف المرأة والشباب، لأنهم الأقدر على إحداث التغيير.. وتكثيف الزيارات للجامعات في جميع الأقاليم والمحافظات، خصوصاً وأن جامعات (وتحديداً الجامعة الأردنية ) أمام تجربة قريبة هذا الأسبوع (انتخابات اتحادات الطلبة ) وهي جديرة بالمتابعة والدراسة لأنها ستكون «بروفة» للمشاركة الشبابية من طلبة وطالبات وتوجهاتهم واختياراتهم قبل 4 أشهر على انتخابات برلمانية أكبر وأكثر شمولية.