زاد الاردن الاخباري -
تعمل السلطات الأردنية على إحتواء صخب حراك الشارع الداخلي خلال الأسابيع الأربعة المقبلة في خطة ثلاثية المسارات تم وضعها من قبل نخبة القرار والحكم الجديدة بناء على إعتبارات الأمن الإستراتيجي الناعم قدر الإمكان على أمل التمكن من نقل البلاد إلى حالة مزاجية جديدة تقلص من أخطار الإنقسام الإجتماعي وتعيد هيبة ومصداقية خطاب الدولة وسط الناس.
وقد دخلت هذه الخطة حيز التنفيذ الفعلي بهدوء عشية عطلة العيد وبرزت نتائجها الأولية مشجعة إلى حد ما كما يرى رئيس الوزراء الجديد عون الخصاونة على أن تتضح النتائج الأكثر عمقا في الأيام القليلة المقبلة.
وتقضي المسارات بتجنب الخيارات الأمنية الصدامية في مواجهة تحركات الشارع التي أصبحت محدودة نسبيا وبدون زخم كبير بعد الإنسحاب التكتيكي للأخوان المسلمين من حراك الشارع مع العمل ضمن إستراتيجية أمنية إحتوائية ناعمة قدر الإمكان وتتجنب الأخطاء التي يراكم عليها نشطاء الشارع.
وفيما يجري رئيس الديوان الملكي الجديد الجنرال المتقاعد رياض أبو كركي إتصالات إحتوائية تهدف لترتيب ملف المتقاعدين العسكريين الذين كان لهم دور أساسي في الإعتراض وحركة الشارع طوال الأشهر الماضية.. فيما يحصل ذلك يأمل رئيس الحكومة الخصاونة بإمكانية التوصل إلى صفقة تديم الهدوء والعلاقة الإيجابية مع الحركة الإسلامية ولو مرحليا تحت عنوان التفاهم على إصلاحات إستراتيجية بسقف زمني محدد سلفا تحكمه جدران الثقة القديمة بين الخصاونة وبعض رموز الحركة الأخوانية وعلى رأسهم الشيخ حمزة منصور.
ويبدو أن مطبخ القرار الإستراتيجي الذي يضم خلية عمل غير كلاسيكية هذه المرة يميل إلى تجزيء بؤر التأزم والإعتراض فالرئيس الجديد لمجلس النواب عبد الكريم الدغمي يفترض أن يعيد إنتاج القدر الممكن من هيبة مؤسسة البرلمان حتى يقتنع الرأي العام بوجود دور إيجابي للمؤسسة كخيار إحتياطي بدلا من لعبة الشارع.
بنفس الوقت يتولى الخصاونة نفسه التحاور والتواصل مع الإسلاميين بسبب غياب فريق سياسي في وزارته فيما تناور المؤسسة الأمنية بعيدا عن الكلاشيهات المعتادة في التعاطي مع حراك المحافظات والعشائر بطريقة غير تقليدية على أمل إستثمار وتوظيف العشرات من النخب التي تقلدت مؤخرا مناصب وزارية وأخرى في مجلس الأعيان بهدف تشكيل فرق تواصل وإتصال جديد وغير تقليدي مع المواطنين المعترضين لأكثر من سبب في المحافظات خصوصا في الجنوب حيث الحراك الأنشط في مدينتي الكرك والطفيلة.
ولم تعرف بعد قدرات الطاقم الجديد الذي أثار الجدل بعد توزيره وتعيينه بمجلس الملك الخاص في سلطة التشريع لكن بعض المسؤولين يردون على الإنتقادات التي وجهت لعملية الإختيار عبر الإشارة لمعطيات ميدانية فرضتها الظروف العامة في البلاد حيث يفترض ان يمنح من عينوا مؤخرا في مواقع عامة عليا فرصة التواصل مع عشائرهم ومراكز الثقل القبلي في مجتمعاتهم المحلية بعد ثبوت القناعة بأن حلقات الإتصال القديمة مع النظام تكلست أو لم تعد منتجة.
ويؤكد الإتجاه العام اليوم بأن مؤسسات سيادية مهمة في الدولة تتولى إدارة بعض الملفات المعنية بمصالح الدولة والمجتمع بعد التوثق من مساحات الضرر التي خلفتها رموز الحكم في الماضي القريب حيث هزمت مصداقية الخطاب الرسمي وآليات منظومة الإنتخابات وحيث دخل على ملعب القرار الإستراتيجي لاعبون من الطراز الذي لم يجرب سابقا أو الذي لا تحوم حوله أي شبهات من أي نوع في عملية يظهر فيها النظام قدرته على التجدد ومساحات الديناميكية والمرونة بأمل التمكن من إحداث فارق خلال وقت قصير.
وتتفاعل كل هذه المسارات في الوقت الذي يعمل فيه فريق الحكومة التشريعي المؤلف من ثلاثة خبراء هم سليم الزعبي وأيمن عودة وإبراهيم الجازي على تجهيز ترسانة تصورات قانونية تغطي الحاجة الملحة لتغيير إصلاحي شامل على الصعيد السياسي.
أما بوصلة النتائج الأولية لهذا الحراك ألرسمي الأمني الذي يهدف لإحتواء الحراك الشعبي فتشير الى ان جذورة الإعتصامات في الشارع تنفست قليلا، كما لاحظ الخصاونة نفسه ولان الإسلاميين فيما يبدو على أهبة الإستعداد لصفقة تمنحهم المزيد من الوقت بعيدا عن خيارات الصدام أما مستوى التفاؤل العام حتى بين أركان النظام ففي أدنى المستويات.
بنفس الوقت يبحث المعنيون بالشأن العام عن أي ذريعة من أي نوع تنتهي بمنح الفريق الجديد للحكم فرصة زمنية لإنقاذ البلاد من السيناريوهات السيئة فحتى اللحظة لا يوجد في الساحة الأردنية من يدعو لأكثر من 'إصلاح النظام'، كما قال القيادي في جبهة العمل الإسلامي الشيخ إرحيل الغرايبة مباشرة لرئيس مجلس النواب الجديد عبد الكريم الدغمي في اللقاء الأول منذ سنوات تقريبا بين الطرفين.
القدس العربي