لنعترف ابتداء أن عمان العاصمة الحبيبة شهدت وتشهد تطورات كبيرة سواء من حيث التوسّع الأفقي والعمودي، أو من حيث بروز المجمعات الكبرى بأبراجها التي تطال عنان السماء، لكن الحقيقة أن وجه عمان اختلف تماماً مع خطوط النقل السريعة التي تخترق شوارعها الرئيسة وصولاً إلى الزرقاء في مشهد حضاري وجمالي لا ينكره إلا جاحد.
لقد بدأنا نشهد لأول مرةٍ في عمان شيئاً يسمى «رصيفا» وممرات وجسورا كهربائية للمشاة، وبدأنا مع نفاذ تعديلات قانون السير نشاهد جميع السائقين وهم يضعون حزام الأمان ولا يحملون أجهزة الهاتف، وإن لا زال هناك الكثير من المخالفات والتجاوزات التي تتطلب وعياً حقيقياً للتخلّص منها مثل تغيير المسارب والوقوف المزدوج والسرعات الزائدة وطبعاً الزوامير والعصبية الفجّة دون مبرر.
هي ملاحظات تستحق الوقوف عندها والتي تتمثل في ارتفاع أو هبوط المناهل التي تملأ الشوارع عن منسوب الشارع بحيث أصبحت في معظمها مصائد للمركبات يضطر السائق أن يبقى حذراً ومتيقظاً كيلا يقع في مصيدة منهل هنا أو هناك. والمفارقة أن كثيراً من المناهل التي توجد على خطوط الباص سريع التردد تعاني من عدم منسوبيتها مع مستوى الشارع، علماً أن العطاء ما زال مستمراً ولا ادري كيف تم استلام تلك المراحل من الطرق دون إلزام المتعهد بتسوية أوضاع المناهل كما ينبغي لها أن تكون.
والملاحظة الثانية تتمثل في افتقار الشوارع لدينا بأن تكون صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة ولكبار السّن والمرضى، فلا يوجد ممرات خاصة للمعاقين حركياً والمعاقين بصرياً، وهي مطالب أساسية من ضمن مطالب حقوق الإنسان التي تلتزم الأردن بها وتعمل على تنفيذ معاييرها.
فيما الملاحظة الثالثة تتمثل في عدم توفير ممرات خاصة لرياضة المشي ولركوب الدراجات الهوائية، حيث تشير القراءات إلى أن كثيراً من المدن العالمية تتجه نحو دعم وتعزيز انتشار ركوب الدراجات الهوائية ووسائل النقل العام، والتقليل لأقصى حد من انتشار المركبات الخاصة، حيث أصبحت مدن مثل كوبنهاجن وأمستردام وبروكسل وغيرها تشجع هذه الوسائل للنقل والحركة.
ربما طبيعة عمان الجغرافية لا تتيح كثيراً من مسارات ركوب الدراجات الهوائية، لكن هناك مناطق واسعة يمكن أن تحتمل دعم وتعزيز مثل هذه الوسائل ومنها مسارات الباص سريع التردد التي كانت فرصةً قوية وحقيقية لإنشاء مسارب ومسارات خاصة براكبي الدراجات الهوائية.
لم تعد عمان تحتمل كل هذا الإزدحام المروري والبشري وعديد المركبات الهائل الذي تكتظ به شوارع وأزقة وحارات عمان.
لا أدري سبب عدم اكتمال الأشياء لدينا، فكم كان جميلاً لو كان هناك طريق رديف بجوار الطريق الصحراوي، بحيث يمكن حينها تطبيق مفهوم الطريق السريع بشكل أيسر وأكثر فعالية. ناهيك عن أقوال ترددت عن إمكانية إنشاء خط قطار بين عمان والعقبة يخترق وسط الطريق الصحراوي.
كذلك الحال مع خط الباص السريع الذي كان بالإمكان أن يصبح طريقاً تنموياً وسياحياً يعول عليه في إنشاء روح جديدة لعاصمتنا الحبيبة، روح تعزز الرياضة والعلاقات الاجتماعية والسلوكات الحضارية الأخلاقية.
ربما لم يفت الأوان لفعل شيء من ذلك، خاصةً ما يتعلق بتعديل المناهل، وبتحديد ممرات خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومسارات لراكبي الدراجات الهوائية.