يحبونه ويمزحون معه ، ويُجلسهم في دكانه على المقاعد المتنوعة الصنع (البلاستيك ، وكراتين البيض الفارغة ، والطوب...) ، أبرقة الشاي لا تتوقف ما بين الغلي والتخثير ... كافة أنواع علب الدخان المفتوحة والمتصدرة مشهد الدكان ، والتي يهرب ويتسرب طلاب المدارس من الحصص والمدرسة لأجلها ... هكذا حال دكان أبو فليح القديمة و المجاورة للمدرسة ... أبو فليح الرجل المحبوب لمعظم طلاب المدرسة والذي يستقبل الطلاب بكل صدر رحب وبكل حفاوة ويقضي الطلاب ساعات طويلة في دكانه ... والجدير بالذكر بأن أبو فليح يُنصّب نفسه ولي أمر للطلاب رواد دكانه ، فعندما يطلب المدير من أحد الطلاب إحضار ولي أمره بسبب الغياب والتقصير يتدخل أبو فليح على أنه خال الطالب الفلاني ، وعم للطالب العلاني ، ووكيل الطالب فلان من قبل والده ، ليتعيّن محامي دفاع عن ثلة كبيرة من الطلاب المتسربين ...ولو رجعنا لسبب تسربهم يكون السبب صناديق الدخان المتنوعة و المفتوحة على كافة رفوف الدكان ... والمشكلة عندما تجد طلاب بعمر الورود لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره زبوناً دائم لدى أبو فليح ...
(فعندما سُئل الكاتب الروسي أنطون تشيخوف عن طبيعة المجتمعات الفاشلة ، أجاب : في المجتمعات الفاشلة يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح ، وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية ، فإذا رأيت الموضوعات التافهة تتصدر النقاشات في أحد المجتمعات، ويتصدر التافهون المشهد، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جداً) ...
ربما كان بيع دخان الفرط سابقاً ، لأن الأمور الآن تطورت بشكل كبير وملحوظ ... فعندما تسأل أحد المدخنين من الأجيال السابقة كيف تعلمت الدخان ؟ يُعزي الأمر إلى دكان أبو فليح ، أو من بيوت العزاء قديماً عندما كان من ضمن التقديم والضيافة مثل التمر والقهوة السادة الدخان حيث يوضع مجموعة من صناديق الدخان المفتوحة والمتنوعة على طاولة خاصة ، وهذا يشجع الشبيبة على الدخان ... هذا عدا عن الاراجيل والسجائر الإلكترونية الموجودة مع الشباب الصغار ذكوراً وإناث دون رقيب وعتيد ...
فهكذا يتم القضاء على الأجيال والمجتمعات ليتصدر الفشل و الجهل والظلم مشهد الحياة ... تبدأ بسكارة فرط من البائع الفلاني وتنتهي بتعاطي وترويج مخدرات ...