في مقابلة حافلة بالرؤى والطموحات أجراها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله مع قناة العربية، برزت العديد من النقاط التي تعكس حكمة القيادة الأردنية وتوجهها نحو بناء مستقبل مشرق ومستدام. هذه المقابلة لم تكن مجرد استعراض للتحديات التي واجهها الأردن، بل كانت بمثابة خريطة طريق لنهضة شاملة تعتمد على أسس متينة من التعليم، الاقتصاد، والأمن.
تحدث سمو ولي العهد بصراحة عن التحديات الكبيرة التي مر بها الأردن خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، من الربيع العربي والحروب إلى جائحة كورونا والإرهاب. وأكد أن قدرة الأردن على تخطي هذه التحديات بنجاح تعود إلى وعي شعبه وقوة مؤسساته وقيادته الرشيدة. هذا الصمود يُعتبر مصدر فخر للأردنيين ويعزز مكانة الأردن كدولة قادرة على التكيف مع الظروف الصعبة والاستفادة منها لتقوية بنيتها التحتية.
ركز سموه بشكل خاص على أهمية التعليم المهني والتقني كأداة رئيسية لمواجهة البطالة وتلبية احتياجات سوق العمل. أشار إلى الجهود المبذولة لتحسين التعليم المهني عبر اعتماد برامج دولية وتطوير مراكز التدريب والمناهج الدراسية. تجربة جامعة الحسين التقنية التي حققت نسبة توظيف تصل إلى 100% خلال أول ستة أشهر من تخرج طلابها، هي مثال حي على فعالية هذا النهج. هذه الرؤية تضع التعليم المهني والتقني في مقدمة الأولويات الوطنية كوسيلة فعّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفيما يخص القضايا الإقليمية، أعرب سموه عن غضبه وألمه تجاه ما يحدث في غزة، مؤكداً دعم الأردن الثابت للشعب الفلسطيني. أشار إلى الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها المملكة لتعزيز الأمن الوطني وتهدئة التوترات في المنطقة. كما تناول موضوع تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود مع سوريا، مؤكداً أن الأردن مستهدف بعمليات منظمة تسعى لزعزعة استقراره وأن المملكة ستتصدى بحزم لأي تعدٍ على سيادتها.
أوضح سمو ولي العهد أن الحل الأمثل لقضية اللاجئين السوريين هو في عودتهم إلى وطنهم، مشيراً إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الأزمة السورية. كما أشاد بأهمية التكامل العربي والتعاون الإقليمي، وخاصة العلاقات المتميزة مع المملكة العربية السعودية. هذا التكامل يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة ككل.
شغف سموه بالقطاع السياحي كان واضحاً، حيث أشار إلى أن السياحة تمثل نفط الأردن المستقبلي. تحدث عن الجهود المبذولة لوضع الأردن على خارطة السياحة العالمية، مشيداً بالمواقع الأثرية الرائعة والمناخ الجميل والشعب المضياف. أكد أن الاستثمار في هذا القطاع سيحقق نتائج إيجابية كبيرة، ويعزز من مكانة الأردن كوجهة سياحية مميزة.
كما أبدى سموه اهتماماً بكيفية تعامله مع الغضب، مشدداً على أهمية الإنجاز وتحمل المسؤولية وعدم إضاعة الفرص. أشار إلى أهمية الحوار السياسي المبني على قضايا وبرامج عمل محددة، وليس على التوجهات الشخصية.
ختاماً، عبّر سمو ولي العهد عن سعادته بانتظار مولوده القادم، مشيداً بالدعم العائلي الذي تلقاه من والديه جلالة الملك وجلالة الملكة. أكد على التزامه بتوفير بيئة عائلية دافئة وصحية لأبنائه، مستلهماً من التجارب والذكريات العائلية التي عاشها.
تُظهر هذه المقابلة بجلاء أن الأردن بفضل قيادته الحكيمة ماضٍ بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً، متجاوزاً كل الصعاب بروح من التفاؤل والإصرار على بناء دولة قوية تعتمد على نفسها. إن كلمات سمو الأمير تجسد أمل الأردنيين في مستقبل واعد، وتعزز مكانة الأردن كواحة استقرار في منطقة مضطربة.