زاد الاردن الاخباري -
اكتسب الجدل الدائر حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قادراً على تجاوز الإبداع البشري زخماً مع التطور السريع في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وقدمت دراسة حديثة منظورا دقيقا، لتكشف أنه في حين يُظهر الذكاء الاصطناعي قدرات ملحوظة في بعض المهام الإبداعية، إلا أن الإبداع البشري لا يزال يتمتع بنقاط قوة فريدة.
وفحصت دراسة، نشرها موقع "psypost" والتي قادها سيمون غراسيني، الأستاذ المشارك في جامعة بيرغن في النرويج، القدرات الإبداعية للذكاء الاصطناعي، وتحديدا ChatGPT-4 من OpenAI، مقارنة بالمشاركين البشريين.
وكان غراسيني وفريقه مدفوعين بالتقدم السريع لنماذج لغة الذكاء الاصطناعي، والتي يمكنها إنشاء مخرجات نصية تحاكي اللغة البشرية عن كثب.
وقد كان هدفهم فهم كيفية موازنة نماذج الذكاء الاصطناعي هذه مع الإبداع البشري واستكشاف التأثيرات الاجتماعية المحتملة للمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
واستخدمت الدراسة مهمة جديدة تسمى مهمة التفسير التصويري (FIQ)، المصممة لتقييم التفكير التباعدي - وهي عملية معرفية تتضمن توليد حلول متعددة وفريدة من نوعها لمشكلة مفتوحة.
وقد طُلب من المشاركين تفسير الأشكال الغامضة والمجردة وتقديم تفسيرين مختلفين لكل منها، بهدف تحقيق أقصى قدرا من التنوع الدلالي. وشملت الدراسة 279 متحدثًا أصليًا للغة الإنجليزية، أكمل 256 منهم المهمة، وChatGPT-4، الذي أدى إلى استجابات تحت قيود مماثلة.
وقام الباحثون بتقييم الإبداع من خلال مقياسين أساسيين: المرونة والإبداع المدرك، حيث تم تقييم المرونة بناءً على المسافة الدلالية بين التفسيرين لكل شكل، وتم حسابها باستخدام منصة SemDis، بينما تم تقييم الإبداع المدرك من قبل لجنة مكونة من أحد عشر حكمًا بشريًا لم يتمكنوا من رؤية أصل الردود.
وأشارت النتائج إلى أن ChatGPT-4 تفوق في توليد تفسيرات متنوعة لغويًا، حيث تجاوزت درجات مرونته تلك الخاصة بالمشاركين البشريين، وهو الأمر الذي يسلط الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج مجموعة واسعة من الأفكار، وإظهار قوته في التفكير المتباين.
وأشار غراسيني إلى أن "أحد الجوانب المدهشة كان مدى جودة أداء نموذج لغة الذكاء الاصطناعي في توليد تفسيرات متنوعة لغويًا للصور المرئية الغامضة. وكانت درجات مرونتها أعلى في المتوسط من تلك التي حصل عليها المشارك البشري العادي".
وعلى الرغم من ذلك، اعتبر الحكام البشر أن الاستجابات التي يصدرها الإنسان أكثر إبداعًا بشكل عام. ويشير هذا إلى أن الإبداع البشري ينطوي على عوامل تتجاوز التنوع الدلالي، ومن المحتمل أن تكون مرتبطة بثراء التجارب البشرية والطرق الدقيقة التي يفسر بها البشر المحفزات.
علاوة على ذلك، تفوقت أفضل الاستجابات البشرية على أفضل استجابات الذكاء الاصطناعي في كل من الإبداع والمرونة الملحوظين، مما يشير إلى أن البشر يمكنهم توليد مجموعة واسعة من الأفكار، مما يساهم في تحقيق درجات أعلى من الإبداع.
وشدد غراسيني على أنه في حين يُظهر الذكاء الاصطناعي قدرات متقدمة في إنتاج أفكار متنوعة واتباع التعليمات، إلا أن الإبداع البشري لا يزال يتمتع بميزة، خاصة في المهام التي تتطلب معالجة متعددة الوسائط وخيالًا مفتوحًا. وتؤكد الدراسة على التقدم الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي والقيود الحالية مقارنة بالإدراك البشري.
ومع ذلك، اقتصر نطاق الدراسة على نوع واحد من المهام الإبداعية التي تتضمن صورًا مرئية غامضة، والتي قد لا يتم تعميمها على المجالات الإبداعية الأخرى..
بالإضافة إلى ذلك، يعني انقطاع بيانات تدريب الذكاء الاصطناعي في سبتمبر 2021 أنه ربما لم يتم تحسينه بالكامل لمهمة التفسير التصويري.
ويمكن أن تستكشف الأبحاث المستقبلية نطاقًا أوسع من المهام الإبداعية لفهم نقاط القوة والقيود في الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل.
وأشار إلى أن الدراسات السابقة أظهرت نتائج متباينة بناء على نوع الإبداع الذي يتم قياسه، حيث تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في بعض الحالات والعكس صحيح.
وقال غراسيني: "هدفنا على المدى الطويل هو فهم الآليات المعرفية الكامنة وراء الإبداع البشري بشكل أفضل وكيفية مقارنتها بتفعيل الإبداع في أنظمة الذكاء الاصطناعي. وهذا يمكن أن يساعد في توجيه التطوير المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي".
وفي النهاية، يتصور غراسيني مستقبلًا حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الإبداع البشري بدلاً من استبداله.
ومن خلال الاستفادة من نقاط القوة في الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي، من الممكن تعزيز الإمكانات الإبداعية في مختلف المجالات.
وخلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي حقق خطوات كبيرة في التفكير الإبداعي، إلا أن الإبداع البشري لا يزال فريدًا من حيث ثرائه وتعقيده.
ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في التطور، سيكون إجراء المزيد من الأبحاث أمرًا حاسمًا في فهم قدراته الإبداعية وتسخيرها بطريقة تكمل وتعزز الإبداع البشري.