زاد الاردن الاخباري -
بعدما انتقد بشدة التصويت بالبريد في الانتخابات الأميركية معتبرا أنه من أسباب هزيمته في 2020 لما تضمّنه من مخالفات، تخلى دونالد ترامب عن حملته ضد وسيلة الاقتراع هذه مدركا أن معارضتها قد تكلفه ثمنا باهظا في سعيه للعودة إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني/نوفمبر.
وغذى الرئيس الأميركي السابق الجمهوري على مدى سنوات الكثير من نظريات المؤامرة حول التصويت بالبريد، معلنا أنه "احتيال كبير" يتضمن "عمليات تزوير مكثفة".
وألمح رجل الأعمال السبعيني مرارا بدون أي أدلة إلى أن الديمقراطيين استخدموا التصويت بالبريد لحشو صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي هُزم فيها أمام الديمقراطي جو بايدن ولم يعترف حتى الآن بنتيجتها.
ونفت السلطات بشكل متكرر هذه المزاعم التي أُسقطت أيضا في المحاكم.
"كل الأدوات"
وفاجأ ترامب المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة الجميع معلنا هذا الأسبوع إطلاق مبادرة لتشجيع التصويت عبر البريد، بدون أن يأتي على ذكر تصريحاته الماضية.
وقال ترامب في بيان "يجب أن يفوز الجمهوريون وسنستخدم كل الأدوات المناسبة لهزم الديمقراطيين لأنهم يدمرون بلادنا" متعهدا بـ"حماية الوصول إلى صناديق الاقتراع".
ويرى المحللون في تفسيرهم لهذا التبدل في الموقف، أنه مع اشتداد المنافسة مع بايدن وتقلص الفارق بينهما، لا يمكن لترامب أن يخسر أصوات الجمهوريين الذين يميلون إلى الاقتراع بالبريد.
وباء 2020
توجه قرابة 90% من الأميركيين في انتخابات 1996 إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. لكن السنوات الأخيرة شهدت انتشار التصويت المبكر على نطاق واسع.
ويمكن لكل ولاية أميركية تكييف طريقة إدلاء سكانها بأصواتهم، فبعض الأميركيين يقترعون عبر آلات التصويت، وبعضهم يتوجه إلى مراكز الاقتراع. البعض يصوت حضوريا والبعض الآخر عن بعد، قبل أسابيع من موعد الانتخابات أو في اليوم المحدد.
وفي انتخابات 2020 التي نظمت وسط تفشي وباء كورونا، فضل الناخبون التصويت بالبريد على التصويت حضوريا. وإن كانت هذه الوسيلة لقيت تأييدا بين الديمقراطيين بصورة طاغية بحسب معهد "بيو" للأبحاث، فإن 32% من الجمهوريين اختاروها أيضا.
ورأى راي بريشيا من معهد "ألباني لوو سكول" للقانون متحدثا لوكالة فرانس برس أن التغيير الأخير في موقف ترامب "ناجم على الأرجح عن إدراكهم أن الثني عن وسائل التصويت هذه كلفهم على الأرجح أصواتا" في الانتخابات الماضية.
مثال فرنسا
غالبا ما برر ترامب رفضه القاطع للتصويت بالبريد مستشهدا بفرنسا التي تجري الانتخابات فيها حضوريا في مراكز الاقتراع بدون إمكانية التصويت المبكر.
وأعلن على شبكات التواصل في 2022 "نحن مضحكة للعالم في ما يتعلق بالانتخابات".
لكن رغم انتقاداته المتكررة، أدلى ترامب نفسه بصوته في فلوريدا عبر البريد خلال الانتخابات التمهيدية الجمهورية في 2020.
وأعلن خلال تجمع لأنصاره في ويسكونسن في نيسان/أبريل "هدفنا هو انتخابات تجري خلال يوم واحد بواسطة بطاقات تصويت، أمر بسيط جدا، وبطاقة هوية. لكن في هذه الأثناء، يجب أن يفوز الجمهوريون".
وفي أيار/مايو، شجع أنصاره على التصويت عبر البريد، واصفا رغم ذلك هذه الوسيلة بأنها تتضمن "فسادا على نطاق واسع".
ورأى براين ماد مقدم البرامج الإذاعية المحافظ في منطقة بالم بيتش، معقل ترامب في فلوريدا، أن "عزم ترامب أخيرا على التسليم بقواعد اللعبة، هو من أهم الملفات التي بدّل رأيه بشأنها منذ وصوله إلى الرئاسة".
وأضاف "في حال وصوله مجددا إلى السلطة، فسيكون هذا التغيير اللافت في فلسفته أحد أسباب ذلك".