في اليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، يتجلى بوضوح دور القيادة الحكيمة والرؤية الملكية السامية في بناء اقتصاد وطني حر وقوي، فمنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية، كرس جهوده لبناء اقتصاد قادر على مجاراة الاقتصادات العالمية، معتمدًا على الذات وتقليل الاعتماد على الخارج. وعلى مدار خمسة وعشرين عامًا، استطاع جلالته بفضل رؤيته الثاقبة وجهوده الحثيثة أن يحقق نهضة اقتصادية شاملة، تجسدت في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية والاستراتيجية، خاصة في قطاعات الطاقة والمياه والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، رغم الجهود الجبارة التي بذلها جلالة الملك، فإن تحقيق هذه الرؤية يحتاج إلى التزام حقيقي من الحكومة بالتحرك بسرعة وحسم في تنفيذ المشاريع الكبرى، فلا يمكن للاقتصاد الأردني أن ينهض ويتقدم دون أن تتحلى الحكومة بالإرادة الجريئة والقدرة الفعلية على تنفيذ توجيهات الملك بأعلى كفاءة وسرعة ممكنة، لذلك لا بد من الإسراع في تنفيذ المشاريع الاقتصادية الكبرى مثل الناقل الوطني، ومصفاة البترول، والموانئ والسكك الحديدية، فهذا ليس مجرد خيار، بل ضرورة قصوى لتحقيق الاستدامة الاقتصادية ودفع عجلة النمو للأمام. التوجيهات الملكية كانت دائمًا واضحة ومحددة، بضرورة الإسراع في تنفيذ هذه المشاريع التي تأخرت لسنوات طويلة لأسباب متعددة، فالتأخير في التنفيذ ليس مقبولًا، ولا يمكن التسامح معه، خاصة في ظل الحاجة الملحة لتعزيز الاقتصاد الوطني ومجابهة التحديات الاقتصادية الراهنة. الإصلاح الاقتصادي والإداري هو ركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، والذي أكده جلالة الملك مرارًا وتكرارًا، فالحكومة مطالبة بتحسين الكفاءة الإدارية، مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإدارة الحكومية، وتحسين الأداء المالي والاقتصادي للقطاع العام، وتقليل العجز المالي هي خطوات حاسمة يجب أن تتحقق بسرعة وفاعلية. البنية التحتية والخدمات العامة تتطلب تحسينًا جذريًا وسريعًا، ويجب على الحكومة أن تلتزم بتحسين جودة الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والنقل، لأنها تعد من الركائز الأساسية للنهوض بالاقتصاد الوطني، وتعزيز البنية التحتية الاقتصادية والعامة، وأتمتة الخدمات الحكومية لتسهيل الإجراءات وجعلها أكثر شفافية وكفاءة، هي خطوات لا غنى عنها لتحقيق التقدم والازدهار. الأردن، بفضل الجهود والرؤى الملكية السامية، يمتلك فرصة ذهبية لتحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات الاقتصادية، ولكن لتحقيق ذلك، تحتاج الحكومة إلى التحرك بسرعة وحسم، وتنفيذ المشاريع الكبرى وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الحيوية، يجب عليها أيضًا توفير البيئة المناسبة لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الخارجية، من خلال إقامة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق التنموية. التعليم والصحة هما من الأولويات القصوى التي يجب أن تلتزم الحكومة بتحسينها بشكل فوري، فتطوير المناهج الدراسية لتلبية متطلبات سوق العمل الحديثة، وتحسين الخدمات الصحية لضمان الوصول العادل لها لجميع المواطنين، يسهم في تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية. مواجهة البيروقراطية وتعزيز كفاءة الموظفين من خلال التدريب المستمر والتطوير المهني يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة، وتبسيط الإجراءات وتقليل المعوقات الإدارية، وتعزيز كفاءة الموظفين سيساهم في تسريع عملية صنع القرار وتحقيق الأهداف المرجوة بفاعلية أكبر. دعم وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال يجب أن يكون من الأولويات الحكومية، فدعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة يعتبر من العوامل الحاسمة لتعزيز النمو الاقتصادي، فتوفير التمويل المناسب، التدريب والتوجيه اللازم، وتحفيز بيئة الأعمال هي عناصر أساسية لتحقيق نجاح هذه المشاريع. قطاع الطاقة والمعادن يحتاج إلى تطوير مستدام وسريع، وخاصة في التحول إلى الطاقة الخضراء، فالاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة وتعزيز الاستدامة البيئية هي جزء لا يتجزأ من رؤية جلالة الملك لتحسين الاقتصاد والبيئة معًا. وفي السياحة، يجب على الحكومة بذل جهود أكبر لتعزيز مكانة الأردن على خريطة السياحة العالمية، فالتوجيهات الملكية كانت دائمًا نحو ضرورة توفير الإمكانات والتسهيلات اللازمة للنهوض بصناعة السياحة، وجعل الأردن وجهة سياحية متميزة تعكس ما يمتلكه من مقومات تاريخية وبيئية وثقافية. توظيف التكنولوجيا في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي هو جزء أساسي من رؤية جلالة الملك، والحكومة مطالبة بتحقيق التحول الرقمي، وتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية في جميع القطاعات. وفي الختام، يؤكد اليوبيل الفضي لحكم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على أهمية العمل الجاد والمستمر من قبل الحكومة لتحقيق الأهداف الاقتصادية الطموحة، فالإرادة الحكومية الجريئة والخطوات العملية الواضحة ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي الشامل، بما يحقق الرخاء والازدهار لجميع المواطنين.