لسوء ما فيها، أول ما أقوم به عند متابعة تغطية مباشرة، حجب التعليقات المرافقة أو اللاحقة لها عن ناظري. العينان كما الأذنان مداخل الروح، بالتالي من حق المشاهد -خاصة إن كان من أولياء الأمور أو مريض يؤثر فيه الانفعال سلبا- من حقه دفع الأذى أو أقله إماطته عن الطريق، وهو في منزلة الصدقة كما جاء في الحديث النبوي الشريف.
وليت إجراءً استباقيا احترازيا كهذا يكفي، ربنا ينجّينا من «اللايذات»، حيث يصل ما يدمي القلب أحيانا عن طريق صديق. بحسن نية، يقوم غيور برد الأذى عبر تعليق عوضا عن التبليغ بالمسيء وحظره، فيسهم من حيث لا يدري في تلقيم أولئك النابحين بعظمة، فلا يشبعون بل ينبحون لهثا وراء المزيد وهم في الحالين نابحين لاهثين هائمين على وجوههم. هم في غالبيتهم يعرفون ما يفعلون فتلك استراتيجية اشتباك في الإعلام -القديم والجديد- تعرف بطُعْم الغضب «ريج بيت» (بمدّ الياءين في الكلمتين).
في الأيام الماضية، كما في كل فرح ومع كل إنجاز، يتطاول اللئام من سقط المتاع، يتمادى الذين لا يراعون أي حرمات، وأمثالهم لا يعرفون حلالا ولا يملكون خصالا ولا أصولا تردهم عن غيّهم. يتمادون ويتطاولون في التنمر البذيء. الانحراف واضح ولا علاقة له بالسياسة ولا بالصحافة، الجور الذي يغلو فيه بعض المتنمرين، لا بد أن يتم اقتلاعه من جذوره، بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، قانونا وعرفا وشرعا.
حرية التعبير كما الحريات والحقوق كلها مصانة ما دامت منضبطة في عقال المسؤولية والأخلاق الحميدة والذوق السويّ. من حق الناس أن تعارض وأن تندد، لكن ليس من حق أحد التكفير والتخوين. من حق الناس انتقاد رئيس حكومة أو هيئة أو شركة أو جمعية أو جماعة أو حزب، لكن ليس من حق أحد النيل من فلذات أكبادهم. من حق الناس التحسر على تضييعهم أو ضياع وطنهم الأصلي منهم، لكن ليس من حق أحد أن يستكثر على المواطنين واللاجئين والمقيمين والوافدين والزائرين والسواح مشاركة الأردن المفدى في أفراح الوطن وأعياده.
إن لم تكن وسيلة الإعلام قادرة على حجب التعليقات المسيئة وحظر المتنمرين فلتغلق الباب من أساسه وتلغي تطبيق التعليقات. أما فضائيات ومنصات التناحر والتنابز بالألقاب والصراخ والصياح طمعا في تريندات وترويج رخيص، فمن حق المتضررين اعتبارهم ممكنين للمتنمرين، بمعنى شركاء في جرم التنمر الذيلطالما أفضى إلى خطاب الكراهية والتطرف العنيف، أي الإرهاب..
من يثير غرائز الشتم واللوم والات هام لا يريد حوارا هادفا، وإنما ممعن في الترويج لإثارة كذّابة خدّاعة قتّالة، مثلها مثل تجار السموم والمروجين لها والذين يتساوى مع جرائمهم أولئك الممكنون «إنئيبلرز» وهم في بعض الأحيان يظنون أنفسهم يساعدون «المدمن» أو المجرم، وليسوا في حقيقة الأمر إلا شركاء في الإدمان وفي الجريمة.
حرام بحق الوطن والإيمان والأخلاق والإنسانية ما يجري من تنمّر على من يتجرأ على قول الحق أو مخالفة القطيع أو التغريد خارج السرب أو التفكير خارج الصندوق، وقد بلغ الأمر حد التنمّر على المسنين والأطفال!!
حرام وعيب وخطر ما يحدث مما يسمى
بـ «مقاومة أو ممانعة» الشتّامين.