انعقاد مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة بالبحر الميت، يأتي تأكيداً على الثقة الدولية بمكانته المتميزة ودوره الفاعل في دعم الأشقاء في غزة وفلسطين بشكل عام، حيث أدى الأردن دوراً بارزاً في تقديم المساعدات الإنسانية، إذ أرسل مساعدات إلى الضفة الغربية منذ أشهر لدعم الفلسطينيين تحت هذه الظروف الصعبة، فيما بلغ مجموع ما قدمه الأردن من مساعدات غذائية وطبية منذ 7 أكتوبر أكثر من 25 مليون دولار إلى الضفة الغربية، كما يدير مستشفى ميداني للقوات المسلحة في نابلس، بالإضافة إلى تقديم حوالي 75 مليون دولار من المساعدات المباشرة لغزة منذ بدء الحرب، ويدير الأردن أيضاً مستشفيين ميدانيين في شمال وجنوب غزة. المؤتمر الذي حظي بتمثيل قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات، ناقش آليات وخطوات فاعلة للاستجابة للاحتياجات العملياتية واللوجستية اللازمة، كما التزم المشاركون بتنسيق استجابة موحدة للوضع الإنساني في غزة.
جلالة الملك عبدالله الثاني أكد خلال حديثه على التزام الأردن بمواصلة إرسال المساعدات بالتعاون مع المنظمات الدولية والجهات المانحة، وذلك عبر البر رغم العوائق، كما شدد على استمرار عمليات الإنزال الجوي، والنظر في إمكانية استخدام طائرات عمودية ثقيلة لتأمين المساعدات على المدى القصير بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
بالإضافة إلى أن كمية ونوعية المساعدات المقدمة إلى غزة أمر أساسي، ولا يقل أهمية عن غيره من المتطلبات، إذ يجب توفير الأدوية والمياه ومواد الإيواء بشكل كافٍ ومستمر، إلا أن الاستجابة الإنسانية الدولية في غزة ما تزال دون المستوى المطلوب، حيث تواجه إيصال المساعدات عقبات على جميع المستويات، ولا يمكن لعملية إيصال المساعدات الإنسانية أن تنتظر وقف إطلاق النار، كما لا يمكنها أن تخضع للأجندات السياسية لأي طرف.
وهنا تبرز أهمية القطاع الخاص الأردني، الذي أدى دورًا حيويًا في تقديم الدعم والعون، بالإضافة إلى كونه يستطيع ان يكون له دور رئيس في تسهيل هذه العملية، من خلال قدراته اللوجستية والخبرات المتراكمة في إدارة الأزمات، يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في تحسين كفاءة وسرعة إيصال المساعدات إلى غزة، خاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها القطاع. إن مشاركة القطاع الخاص ليست مجرد خطوة تكميلية، بل هي ضرورة لتحقيق استجابة إنسانية متكاملة.
إن قدرات هذا القطاع في تقديم الدعم اللوجستي والتمويلي يمكن أن تعزز من فعالية الجهود المبذولة، مما يساعد على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة بسرعة وكفاءة أكبر.
على ضوء هذا المؤتمر، تبرز فرصة القطاع الخاص الأردني ليكون مركزاً رئيسياً في تقديم المساعدات الإنسانية وتنسيق الجهود الإغاثية، إذ إن انخراط القطاع الخاص بشكل أكبر يمكن أن يساهم في تحسين كفاءة وسرعة إيصال المساعدات إلى غزة، خاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها القطاع.
إن انعقاد مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة جاء في وقت حرج يتطلب تعاوناً دولياً وجهوداً مكثفة لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، حيث يُثمن دور الأردن ومصر والأمم المتحدة في تنظيم هذا المؤتمر، ويؤكد ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق استجابة إنسانية فعالة وشاملة تلبي احتياجات الفلسطينيين في غزة. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته، ويعزز التزامه بتقديم المساعدات الضرورية بعيداً عن الأجندات السياسية، لضمان حياة كريمة وآمنة لأهلنا غزة.