مؤتمر الاستجابة الانسانية الطارئة في غزة، الذي أطلقه الملك عبد الله والرئيس عبد الفتاح السيسي وأمين عام الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، باستجابة دولية واسعة، هو مؤتمر وضع العالم برمته أمام ضميره، وعدم الاستمرار في المراوحة الخانعة ضد الحق وللمصلحة، وعدم السماح لدولة مارقة باحتقار شرعة حقوق الإنسان، وعدم الخضوع للمحاسبة والسماح لها باستمرار الإفلات من العقاب.
انه مؤتمر إنقاذ قطاع غزة، وتدويل مأساة قطاع غزة، ومؤتمر بعث الأمل في نفوس أهلنا في القطاع المنكوب.
انه مؤتمر الإلهام، الذي أعد له الأردن إعدادا بالغ الإِحكام، بما يبعث من أمل في نفوس أهلنا في قطاع غزة المنكوب والضفة الغربية المحتلة.
إنه مؤتمر دحض اليأس، الذي تسرب إلى نفوس أهل القطاع والضفة، بأن العالم المرعوب من نفوذ إسرائيل الدولي، المتعدد الشفرات والطبقات، الذي خذلهم طويلاً، وسمح باستمرار جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، قد هيأت له قمة عمان، فرصة كبرى لإراحة الضمير، والتكفير عن الخذلان الفادح المرير، كما هيأ فرصة للحكومات لإرضاء شعوبها الساخطة الثائرة على جرائم العصر الإسرائيلية.
والمؤتمر يجيء في توقيت ذهبي، حيت لم يعد العالم قادراً على الصمت والإغضاء وإدارة الظهر للمذابح الإسرائيلية اليومية، التي حان محاسبة إسرائيل عليها، امتثالا للغضبة الطلابية والإنسانية، الأميركية والأوروبية والعالمية.
ان هذه القمة العظيمة تشرع الأبواب من أجل وضع العالم أمام مسؤولياته لإعلان ان إعادة الاعمار، قد بدأ التحضير السياسي الجاد له، وأنه سيتزامن مع مدد مالي أكيد.
إن التحضير الأردني السياسي واللوجستي للمؤتمر، واستجابة هذا العدد الكبير من الزعماء والقادة والمسؤولين، من مختلف القارات، لهو تعبير عن احترام الملك عبدالله، والثقة بحكمته ونزاهته وجديته، وهو الذي تولى أمر أهلنا المعذبين في قطاع غزة المنكوب والضفة الغربية المحتلة، وحذر مما سيقع من كوارث، ووضع منذ اندلاع العدوان، خرائط الطريق النزيهة لمعادلة السلام، وفق قرارات الشرعية الدولية المتعددة الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط.
يُنصِّب العالمُ ملكنا، ملكاً للسلام والاغاثة والانقاذ، ملكاً للقدرة والعزيمة والجسارة، والمبادرة التي تمثلت في ابتكار اسلوب جسور الإغاثة الجوية وإنشاء المستشفيات الميدانية، فقد فتح نجاح جسور الإغاثة الأردنية، الطريق لمشاركة عشرات الدول في تلك الجسور الإنسانية المهمة.
وإن المؤتمر لأكبر دلالة على أن زعيم دولة شرق الوسطية صغيرة الحجم، فقيرة الموارد، هو الملك عبد الله الثاني، قد أخذ بكل شجاعة ومسؤولية، زمام المبادرة الكبرى، لوضع الحلول الكريمة العادلة، لحل واحدة من اكبر مشكلات العصر، دون اعتبار، الا للشرف والأخلاق والقانون الإنساني الدولي.
لقد تكرر في كلمات زعماء الدو ل شكر وتقدير وتبجيل الأردن ومصر وأمين عام الأمم المتحدة، على المبادرة لعقد هذه القمة، التي ستنطلق التبرعات لصندوقها المزمع إطلاقه من أجل تخفيف شيء من الويلات التي انصبت على رؤوس أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
ومن السياق العام نلاحظ ان العالم يتناسى ما تتعرض لها الضفة الغربية المحتلة، من اغتيالات واعتقالات ومداهمات وإغلاقات يومية. وهي المأساة طويلة الأمد، التي يحمل الملك عبد الله الثاني همها وجرحها دون توقف.
فخورون بملكنا على عقد هذه القمة المجيدة وعلى هذه الخطوة الإنسانية الواسعة التي ستسهم في تثبيت الفلسطينيين في أرضهم المحروقة.
وأظن ان نجاح هذا المؤتمر الدولي يمهد الطريق إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، يعيد اعتماد قرارات الأمم المتحدة المتصلة بالصراع والاحتلال في الشرق الأوسط، ويفتح الباب لـ»مشروع مارشال» دولي، يحقق معافاة مبكرة لقطاع غزة، التي عصف القصف واليأس والظلم، بروح أهله عصفاً وحشياً.