طبتم وطاب أضحاكم وتقبل الله منا ومنكم العبادات والطاعات والأضحيات، هو عيد عرفات الله، عيد الحج الأكبر، الله أكبر الله أكبر، إنه العيد الكبير الذي تتوحد فيه الأهلة والمواقيت لتعلن عن وقفة عرفات ويوم النحر، هو اليوم الذي قدّم فيه جدّنا إبراهيم الخليل ابنه اسماعيل قرباناً وتقرّباً لله تعالى، فاستبدله بكبشٍ كبيرٍ تمت التضحية به بدلاً من أبينا اسماعيل عليه صلوات الله وسلامه.
دائماً أقول بأن الأعياد فرصة وفسحة لتغيير الروتين اليومي الكئيب، لتبادل الزيارات وتقوية العلاقات الاجتماعية، للترويح عن الأنفس والترفيه عبر الخروج عن المألوف والسياقات الحياتية المعتادة.
في العيد تتجدد الأرواح وتصفو القلوب وتستكين المشاعر، كأنه محطة للتأمل والبوح والمراجعات الواجبة، إنه يمثّل وقفةً مطلوبة تحتاجها البشر كي تعيد برمجة وصياغة الكثير من شؤونها وتفاصيلها.
هي مجرد ملاحظات على سبيل الفرح وعدم التسبب في تعكير صفو الناس في العيد، بادروا إلى تغيير ما تتوقعون أنه بدهي لكم، بادروا بزيارة الجيران والأقارب والمعارف، أفشوا السلام لكل من تقابلونه في الطرقات والحارات والأحياء والشوارع وإن لم يكن بينكم أية معرفة سابقة، حاولوا أن ترسموا الابتسامة اولاً على محياكم ووجوهكم قبل أن تبادروا بطلبها من غيركم.
لا تنتظروا الزيارات من أي أحد كي تبادلوه اياها، كونوا أنتم أول من يزور ودون انتظار إعادتها من الطرف الذي زرتموه، ابتعدوا تماماً عن السلوكات والممارسات المعتادة لكم التي تمتلئ عصبية وتوتراً وغضباً، راودوا النفس بترطيبها بالطيب من الكلام والمشاعر والتصرفات.
لتكن ملابسكم جميلة أنيقة نظيفة مبهجة، ولا أعني أبداً قيمتها المادية، دعوا الناس يرونكم بأجمل مبسم وحلة وإقبال، لا تكثروا من القيل والقال والإلحاح في السؤال، لا تطيلوا الجلوس والمكوث في البيوت، حاولوا أن تمرّوا على أكبر عديد ممكن من العائلات في بيوتها.
ابدأوا عيدكم / نهاركم من الفجر والصلاة وصلاة العيد، تناولوا الإفطار مع عائلاتكم قبل بدء الزيارات، قوموا بإعطاء أبنائكم العيدية قبل غيرهم إلا إذا لم تكن تملك خيارات مالية مريحة، حينها تكون الأولوية للأخوات والبنات والعمات والخالات والحموات. حتى لو لم تتوفر العيديات، قوموا بالزيارات.
إياكم والتفكير بذبح الأضاحي في بيوتكم خاصةً لمن يقطنون الشقق السكنية، فهذا مشهد غير حضاري وغير مريح ويعمل على تلويث المكان والبيئة مع ما يتخلله من إزعاجات وروائح.
فكّروا في فقراء أهاليكم، الأيتام/ الأرامل/ المطلقات/ كبار السّن/ المرضى/ عائلات السجناء/ الشهداء/ الجرحى، فهؤلاءأولى بالزيارة والشعور معهم.
ابدؤوا نهاركم/ عيدكم بالدعاء لأهل غزّة وفلسطين بالنصر والصمود والصبر. كونوا في كل ما تقومون به مثالاً للإنسان الصالح الذي يبادر ويبدأ بنفسه أولاً، فلا تطلب من الآخرين ما لا تطلبة من نفسك ابتداءً.
عطلة طويلة نسبياً قد تكون مريحة نفسياً لكنها مرهقة مادياً، أعد ترتيب أولوياتك بحيث تستطيع قضاء العطلة دون الشعور بالحاجة أو النقص أو العوز.
كم تمنيت على الجهات المعنية إعادة النظر فيما تسمى بزرائب الأضاحي التي تكتظ بها جوانب الطرقات الرئيسة وفي الحواري والأزقة، خاصةً وأن ذبح الأضاحي يتم في نفس مكان بيعها تحت الشمس ودون وجود إجراءات صحية وقائية، ناهيك عن متبقيات ذبح الأضاحي التي تملأ الأمكنة بالروائح والحشرات والتي قد تظل في العراء وتحت أشعة الشمس لأيامٍ طويلة تكفي لانتشار الأوبئة.
هو عيد الأضحى/ عيد النحر/ العيد الكبير، عيد عرفات الله/ عيد الحج الأكبر، كل عيد والأردن والبلاد العربية والإسلامية وشعوبها بألف خير وسلام، كل عيد وفلسطين قد تحررت من النهر إلى البحر، وغزّة استعادت حياتها وأحياءها، الرحمة للشهداء، الشفاء للجرحى، والحرية للأسرى المعتقلين.
الله أكبر الله أكبر طبتم وطاب عيدكم وطاب أردنكم أرضاً وشعباً وقيادةً.