زاد الاردن الاخباري -
يحدث أن يستاء كثير من الأطفال من آبائهم، لدرجة أنهم لا يريدون التواجد بقربهم بنفس الغرفة، وهناك أسباب؛ ترجع معظمها إلى تركيز الآباء على أخطاء أطفالهم ولومهم باستمرار، معتقدين أن كثرة اللوم تُسهم في تربيتهم وتعديل سلوكهم، وينسون ما يتركه هذا اللوم والعتاب المتكرر على نفسية الطفل من مشاعر سلبية تتشكل في النهاية في صورة استياء من الوالدين، وعدم ترحيب بما يلقون من توجيهات، وفي النهاية يُصبح الطفل أقل تعاوناً وأكثر عناداً، ما يؤدي إلى اهتزاز علاقته الوثيقة بوالديه.
في التقرير التالي، سنتعرف إلى الآثار السلبية لكثرة لوم الطفل، وأسباب استياء الطفل من والديه. اللقاء مع الخبير الإرشادي الدكتور أحمد هويدي؛ للشرح والتوضيح.
عواقب كثرة التوجيه واللوم والعقاب اختاري طريقة مناسبة لتعليم الطفل وتوجيهه
غالباً ما يحتاج الأطفال إلى التوجيه المستمر، على أن يقوم الآباء باختيار طريقة مناسبة تسمح بتعليم الأطفال وتوجيههم بطريقة صحيحة، واللوم المستمر لا يُحقق ذلك.
كثرة العتاب تُشعر الطفل بأنّ كل ما يُفكر به، أو يشعر به، أو يفعله أمرٌ خطأ وغير مقبول، ما يسبب ضعف ثقة الطفل بنفسه، رغم محاولاته لإسعاد والديه وإرضائهم؛ فهو لا يرتكب الأخطاء ليُزعجهم.
التربية سيدتي الأم لا تهدف إلى تعليم الطفل اتباع القواعد بصورة عمياء دون تفكير، أو أنّها جميعها صحيحة دون التفكير بعواقبها، ما يمنع بناء ضمير الطفل وتطوره الأخلاقي.
لوم وانتقاد الطفل باستمرار سيُعيق قدرته على التفكير بموضوعية، الأمر الذي سيمنعه من تفحص عواقب أفعاله، خاصة إن كان يتتبع الأوامر فقط.
اللوم الذي يتبعه عقاب قاسٍ؛ يجعل الطفل أنانياً، يُركز دائماً على العقاب الذي سيتعرض له، ما يحرمه من تطوير مهارات التعاطف والوعي الاجتماعي لديه.
هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للعقاب واللوم بشكلٍ مستمر، يميلون إلى التمرد وكسر القواعد والقوانين، وقد يرغبون بالتشاجر مع آبائهم أو الانخراط في سلوكيات خاطئة وسلبية.
وعلى الجانب الآخر، نجدهم يحاولون السيطرة أو التلاعب بالأطفال الآخرين، بجانب معاناتهم من مشاكل في ضبط النفس أو السيطرة على الغضب، ومن ثَمَّ اللجوء إلى سلوكيات خاطئة.
أسلوب اللوم والتوعد يجعل الطفل خائفاً، وهذا يدفعه إلى الكذب لتجنب العقاب، كما يكون عرضة ليقوم بسلوكيات خاطئة؛ مثل السرقة أو الشجار كنوع من التنفيس عن الضرر النفسي الذي يتعرض له.
مع تكرار اللوم تختفي مهارة الذكاء الاجتماعي تكرار اللوم يحفز الطفل على الاستياء من والديه الطفل هنا سيُركز دائماً على العقاب الذي سيتعرض له، ولا يفكر بتفاصيل السلوك أو التصرف الذي يقوم به، ومدى صحته ودرجة أمانه، ما يؤثر على علاقاته ومهاراته الاجتماعية بين أصحابه.
هناك نوعان من معاملات الآباء، الأولى هي: المعاملة الوالدية الراعية؛ التي تعطي الحب والحنان والتشجيع والإعجاب بالطفل وتمنحه الثقة بالنفس، والثانية المعاملة الوالدية الناقدة؛ وهي تقدم للطفل كثرة النقد والتوبيخ والتعنيف طوال الوقت.
وكثيراً ما يصل الأمر إلى التحقير من شأن الطفل، وهذا يترك أثراً سيئاً في نفسه، ما يجعله يستاء منهما، وهذا الطفل لا يتلقى رسائل تربوية من الوالدين ولا يستمع إليهما، بل يفضّل ألا يجلس في مكان فيه والداه.
كثرة العتاب تؤثر على سلوكيات الطفل مع كثرة التوجيه والمتابعة يتجه الطفل للعناد والسلوكيات السيئة تربوياً، تكون رعاية الطفل بالحنان والتنبيه اللطيف، وليس بكثرة اللوم والعتاب، ومع كثرة العتاب يتجه الطفل للعناد في التعامل مع الوالدين. وأحياناً يبالغ الطفل في سلوكياته السيئة، كنوع من الانتقام منهما بسبب نظرتهما إليه، وكأنه يلومهما هو الآخر ويعاقبهما.
لهذا يجب على الوالدين أن يوازنا في التعامل مع الأطفال بين الرعاية والحنان والتنبيه اللطيف، وبين اللوم أو التعنيف؛ فلا تلوميه بطريقة مباشرة، والصحيح أن تتفقي معه على أنكِ سوف تعاقبينه.
اللوم يحرم الطفل من تجربة الخطأ كثرة المراقبة والتهديد تجعل الطفل يستاء من والديه وتوجيهاتهما اتركي لطفلك حرية أن يخطئ، وأن يتحمل النتيجة، فالأخطاء وسيلة تعليمية.
أسلوب التهديد يُعرّض الطفل للشعور الدائم بالخطر، وكأنه يفقد بوصلته الطبيعية في التمييز بين الفعل الصواب والآخر غير الصواب.
أسلوبك الخائف على طفلك يُفقده توازنه النفسي وعقليته المرتبة الناضجة؛ بسبب تعرُّضه للتهديد باستمرار، وشعوره بأنه مُراقَب طوال الوقت.
على الأم المحافظة على الثبات الانفعالي، أمام كل أخطاء أطفالها، صغاراً كانوا أم كباراً، وتجنّب استخدام اللوم باستمرار.
لماذا يستاء الطفل؟ يستاء الطفل من والديه لدرجة الابتعاد وعدم الجلوس معهما الطفل يستاء من والديه، يبتعد عنهما، لا يريد الجلوس في المكان الذي يجلسان فيه، لما يحدثه اللوم وكثرة العتاب من آثار سلبية على شخصيته وسلوكياته وعلاقاته، وحتى السمات التي يتصف بها أمام نفسه والآخرين.
1- ابتعاد الطفل عن فكرة تحمل المسؤولية تُشعره بالاستياء عندما نتعامل بحدّة مع أخطاء أطفالنا، فإننا نمنع تأثير العواقب الطبيعية (وهي الشعور بالندم والحرج)، ونسمح لهم بإلقاء مشاعرهم تجاهنا بدلاً من ذلك.
وعادة ما تكون في شكل غضب واستياء، حينها يركز الطفل على الغضب وشعوره بالظلم من والديه، بدلاً من الشعور بتحمل مسؤولية اختياره بشكل كامل.
2- كثرة اللوم تُشعر الطفل بالخجل والاستياء عندما تحدث بعض الفوضى أو تقع بعض الأخطاء، فإننا نشعر بالسوء تجاهها، هكذا يشعر الأطفال أيضاً، ووجود شخص بالغ يضيف جرعة أخرى من الشعور بالإحباط واليأس والغضب، وحينها يتوقف الطفل عن الإنتاج، ويبدأ في الشعور بالخجل والعار الشديد، الوقوع في الخطأ جزء من إنسانيتنا، لذا عندما يشعر طفلنا بالعار في كل مرة يرتكب فيها خطأ؛ فإننا نخلق بذلك العديد من الأنماط غير الصحية التي ستظهر فيما بعد.
3- تعنيف الآباء المستمر يتسبب في ألم ثانوي للطفل واستياء كثيراً ما نشعر بالألم والمعاناة بشأن أخطائنا، ويمكننا أن نستخدم هذا الشعور لكي نتقدم للأمام، أو ربما نخلق ألماً آخر يسمى "الألم الثانوي".
وبالمثل، فردود فعلنا تجاه توتر أطفالنا الذي سيظهر لا محالة كل فترة، من الممكن الاستفادة منه لتعزيز التعافي والإصلاح، أو إضافة المزيد من الألم والانكسار لنا وللأطفال.
4- قسوة العقاب تساعد على نمو نقد داخلي قاسٍ نعم، الطريقة التي نتحدث بها مع أطفالنا تصبح صوتهم الداخلي، لذا عندما تصبح كلماتنا القاسية جزءاً أساسياً من الحديث عند ارتكاب الطفل لأي أخطاء، فسوف يصبح طفلك أفضل حليف لنفسه، أو أكبر عدو لها.
5- التوبيخ وتقليل الشأن المستمر يدمر التواصل بين الوالدين والطفل يحتاج الطفل إلى علاقة بيولوجية وثيقة مع والديه، لذا عندما يتلقى الطفل الكثير من النقد والتوبيخ؛ يتم تدمير هذه العلاقة، فالعلاقة القوية بين الطفل والوالدين تتشكل على أساس من الحب غير المشروط والقبول.
لكن عندما ننظر إلى أطفالنا بأعين مهددة، ونتحدث إليهم بصوت حاد أو نتجاهلهم، فإننا بذلك نخبرهم بأننا نقبلهم فقط عندما يتصرفون كما نحب، هذا الحب الذي نقدمه لهم هو حب مشروط.