تمر المملكة بظروف إقتصادية صعبة؛ ما يتطلب إدارة حكيمة للمال العام في جميع المجالات ذات الأهمية مهما كانت صغيرة، ووقف الهدر في جميع المؤسسات العامة والوزارات .
ضبط النفقات والمصروفات، ليست عملية مرتبطة بوضع إقتصادي فحسب، بل هي ممارسات دائمة، ومطلب أساسي، يجب أن يشغل تفكير كل مسؤول، في كل زمان ومكان، وفي جميع المؤسسات الحكومية، فالتصرف من أموال الدولة مسؤولية كبيرة، أمام الله، قبل أن تكون أمام أصحاب القرار، والجهات الرقابية، لذا يجب أن يكون الحرص على هذا المال مضاعفاً، ويجب التعامل معه برهبة وقدسية، لأن الأمانة عظيمة، وحملها لم يكن يوماً مسألة سهلة.
تعدّدت أشكال الهدر وأسبابه، منها ما هو بقصد، ومنها من غير قصد، ومنها بسبب ضعف الإدارة، أو إتكال المسؤول الأول على غيره من الموظفين، فيفعل ما يريدون، ويصادق على طلباتهم دون رقابة أو حساب، ومنها أيظاً أسباب تتعلق بعدم مواكبة العصر، أو عدم الفهم الحقيقي لمعنى الإدارة أو مسؤوليات المدير!.
الأجهزة الرقابية لن تستطيع كشف كل شيء، والمسؤولية الحقيقية تقع على عاتق المسؤولين و المديرين التنفيذيين، فهم وحدهم يستطيعون تبرير كل شيء، ويستطيعون كذلك تمرير كل شيء، ومن لا يردعه ضميره لن يمنعه أي شيء آخر من عدم التعامل بحرص وخوف على المال العام.
ملايين الدنانير تُصرف بشكل قانوني على «الأوراق الرسمية» المقدمة للرقابة، لكنها عملياً لا تفيد الجهة بشيء، والجهات الرقابية لا تستطيع كشف ذلك، فهي أمور تتعلق بإحتياجات الجهة المعنية، وتحديد هذا الإحتياج هو مسؤولية مديري تلك الجهة، لذلك أهمية هذه الحاجة من عدمها، هي بالفعل مسألة ضمير فقط!.
لذلك من جهة كوني أعمل في السلك الأكاديمي، و إنتمائي لعملي ، وقدسية وطني، أتقدم بنصيحة من القلب و الضمير ، بإلغاء مكاتب الإرتباط الجامعية التي لا فائدة فيها، غير إهدار وتبذير المال العام. فإن أوكلت لي حقيبة التعليم العالي يوما ما ، إن أول قرار سيتم إتخاذه هو إلغاء مكاتب الإرتباط.
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي