قادني ضجري ذات مساء ، إلى الاشتراك في مسابقة تجريها واحدة من شركات الاتصالات المحلية ، والإجابة عن سؤال عن عاصمة الصومال ، حيث رد "المجيب الآلي" ، عظيم ، رائع ، استمر فانت على بعد خطوة من جائزتك اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية ، والحقيقة أن الجائزة الشهرية هي أكثر ما شد انتباهي لولعي بالسيارات الألمانية.
فجأة إذ بسؤال ثان يداهمني: أين تقع مدينة رام الله ، في فلسطين أم في مصر ، تساءلت عن سر السهولة المفرطة في أسئلة المسابقة ، قبل أن أدرك لاحقا ، بانه "فخ" منصوب بإحكام ، وأن الهدف من تبسيط الأسئلة هو استدراج أكبر عدد من المشتركين للإجابة عن أسئلة من هذا النوع ، إذ في كل مرة تجيب فيها عن سؤال من الأسئلة ، يُقيَّد على فاتورتك مبلغ من المال ، قيل لي أنه 45 قرشا.
استمرت الأسئلة تنهمر عليّ ، واستمررت في الإجابة الفورية عن كل واحد منها ، إلى أن نجحت في تسجيل رقم قياسي باستقبال السؤال والإجابة عنه وتلقي "التبرك والتشيجع" واستقبال السؤال التالي ، في خلال دقيقة واحدة فقط ، وأزعم الآن ، بأنني أجبت عن عشرات الأسئلة ، وبحد أدى لا يقل عن المائة منها ، وبمبلغ وقدره خمسون دينارا سأدفعها ثمنا للتجربة والفضول.
في ذروة الحمى التي اجتاحتي ، حمى الفضول والرغبة في الفوز ، كنت أحيانا أرد بإجابة خاطئة عن بعض الأسئلة ، إما لنقص في معلوماتي أو لاختيار رقم خطأ من دون قصد ، وكنت أظن أن نهاية المطاف ستكون هنا ، وأن صوتا أو رسالة سيخطراني بخروجي من المسابقة ، ولكن هذا لم يحدث قط ، فدائما كانت "عبارات التشجيع تتقدم عبارات الأسف" ، والمطلوب مني أن استمر في "اللعب" ، ولكل جواد كبوة وحين كان اليأس يتسرب إلى أصابعي وقبضة يدي ، كانت عبارات جديدة ، غير معتادة ولا متكررة ، تقفز في التوقيت المناسب: مبروك ، لقد أضيف إلى رصيدك عشرون نقطة ، استمر فالسؤال التالي سيعطيك مائة نقطة ، وأنت على بعد خطوة واحدة من قطعة مجوهرات نفيسة أو سيارة فاخرة ، أغالب يأسي و"قرفي" وأعاود المحاولة.
لقد بلغ الأمر في بعض المرات ، حد نضوب "بنك المعلومات الآلي" ، المخزن مسبقا وتلقائيا ، حيث توقف إرسال الأسئلة ، ومررت بلحظة انقطاع طويلة نسبيا حتى عاود "الجهاز" إمطاري بوابل من الأسئلة والخيارات ، بعضها جديد وبعضها مكرر ، وأصدقكم القول بأنني أجبت عن سؤال عاصمة الصومال ثلاث مرات على الأقل.
لم يحالفني الحظ بالحصول على أي من جوائز المسابقة ، وقد بت أشك بوجود مثل هذه الجوائز أصلا ، وفي "شفافية" اختيار الفائزين بها ، وقد عدت إلى ممارسة هوايتي القديمة بمحو هذا النوع من الرسائل قبل قراءته ، خصوصا بعد أن تكشفت أسرار "لعبة الاستدراج" ، وكشفت بعض شركات الاتصال ، عن دورها كمؤسسات جباية ، تتسلل إلى جيوب المواطنين من نافذة أحلامهم بالفوز ، حتى وإن اقتضى الأمر سؤالهم أكثر من مرة عن اسم العاصمة الأردنية ، وعدد الحروف التي تتكون منها كلمة "عمان".