بعد إعلان الحكومة خطتها التنفيذية، واتضاح المشاريع التي ستنفذ خلال العام الحالي والمقدر عددها بنحو 2400 مشروع، يتبادر إلى الذهن تساؤلات حول السياسة المالية التي تسعى الحكومة الى اتخاذها تجاه الإيرادات والنفقات.
وحتى الآن يبدو أن الحكومة لم تحسم أمرها بخصوص أي قرار مالي؛ إذ تبدو الضبابية سيدة الموقف في ظل الحيرة الحكومية وتأخر اتخاذ أي قرار في أي اتجاه كان، سواء بزيادة الإيرادات من خلال فرض الضرائب أو تقليص النفقات.
بيد أن الاطلاع على موازنة العام الحالي وقراءة تفاصيلها، يؤكد أن الحسم باتجاه أي قرار يجب أن يكون قبل مطلع نيسان (إبريل) المقبل وهو الموعد الذي بنيت عليه موازنة العام الحالي، وحدد كتاريخ للتخلص من الدعم المالي المقدم لاسطوانة الغاز، والذي تقدره مصادر حكومية بنحو 7 إلى 8 ملايين دينار شهريا خصص منها في الموازنة 22 مليون دينار، فيما تقدره نقابة أصحاب محطات المحروقات بحوالي 24 مليون دينار.
السيناريوهات القابعة على مكتب وزير المالية أحلاها مرّ، وعلى رأسها رفع قيمة اسطوانة الغاز ليصل سعرها الى 9.75 دينار، وثانيها إلغاء إعفاء المواد الأساسية من الجمارك والتي ستوفر 70 مليون دينار، إضافة إلى إقرار بند يفرض ضريبة خاصة على البنزين بمعدل 25 %.
وتبقى الأبواب مفتوحة تجاه أي من هذه القرارات أو الجمع بينها بشكل يسهم في تقليص الأثر على محدودي ومتوسطي الدخل، فمن ناحية قد تفكر الحكومة برفع الدعم عن الغاز جزئيا، ومن ناحية أخرى قد تفرض ضريبة خاصة على البنزين لتغطية الدعم المقدم لاسطوانة الغاز.
صعوبة تطبيق هذه الأفكار تكمن في عدم شعبيتها، ما دفع الحكومة إلى تأخير إقرارها، بهدف استنفاد جميع الخيارات المتاحة قبل اللجوء لمثل هذه القرارات الجراحية، فالمتمعن في موازنة 2010، وتفسير ما وراء حديث المسؤولين يؤكد أن الحكومة لن تقدر بأي حال من الأحوال على تجاوز جميع هذه الفرضيات.
ويؤكد ذلك أن السلطة التنفيذية اتخذت مجموعة من القرارات ولم تفكر كثيرا قبل إقرارها، على اعتبار أنها لا تمس الشرائح الفقيرة والمتوسطة الحال مثل قرار فرض الضريبة على الخلوي، والتتبع الإلكتروني والضرائب على المشروبات الروحية والدخان والتي يقدر حجم الأموال المتأتية منها بنحو 70 مليون دينار.
أوضاع المالية العامة الصعبة تشي بارتفاع العجز ليصل 1.1 بليون دينار، وهو مرشح للارتفاع أكثر ليقارب مستواه في العام الماضي حينما تجاوز 1.5 بليون دينار.
غياب الحسم يرتبط مباشرة بمعرفة الحكومة لحساسية القرارات التي تفكر فيها، كونها تمس حياة الناس مباشرة وتؤثر فيها وتمتص السيولة من جيوبهم، خصوصا إذا ما استذكرنا جميع الإجراءات الجراحية التي آلمت المواطن في الماضي، ومنها التخلص من دعم المشتقات النفطية، ولم تحقق تحسنا يذكر في مؤشرات العجز والمديونية.
أحد المسؤولين السابقين علق على اعتماد الخزينة على الضرائب التي يدفعها الأفراد، بأن الأردني بات يرتدي بنطالا بلا جيوب، فهل تسمع الحكومة هذه الطرفة وتتعظ من مضمونها؟
jumana.ghunaimat@alghad.jo
جمانة غنيمات