في البدء، علينا أن نعترف بأن الضوء وكل شيء آخر من حولنا ليس بموجة ولا بجسيم بالمعنى التقليدي ، فكل شيء هو في الحقيقة حقل كمومي يتصرف أحياناً مثل الموجة العادية، وأحياناً مثل الجسيم، وأحياناً كالاثنين معاً ، وكتلة الجسم تقاس في الفراغ وعندما يكون ساكناً بالنسبة لجهاز القياس ، في عالم الفيزياء، تُعدّ المفاهيم الأساسية التي تفسر طبيعة الكون من بين أكثر المواضيع إثارة وتعقيداً ، ومن بين هذه المفاهيم يبرز سؤال مهم: هل كل شيء في الكون هو في الواقع موجات ضوئية؟! و للإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أن نفهم الطبيعة الأساسية للضوء، والمادة، والموجات ، و الطبيعة الثنائية للضوء ، فالضوء يتميز بطبيعة مزدوجة، حيث يمتلك خصائص الجسيمات والموجات على حد سواء. هذه الطبيعة المزدوجة تُعرف بتأثيرات "الجسيم-الموجة" (Wave-Particle Duality). في عام 1905، أظهر ألبرت أينشتاين أن الضوء يمكن أن يُفهم كمجموعة من الجسيمات (الفوتونات) التي تحمل طاقة محددة ،ومع ذلك، يمكن للضوء أيضاً أن يتصرف كموجة، كما يتضح من خلال ظواهر مثل التداخل والحيود ، وهنا لا بد من الحديث عن ميكانيكا الكم والطبيعة الموجية ،ولفهم ما إذا كان كل شيء في الكون هو موجات ضوئية، يجب علينا النظر في ميكانيكا الكم ، في هذا السياق، ليست فقط الفوتونات هي التي تمتلك طبيعة موجية، بل أيضاً جميع الجسيمات الأخرى، بما في ذلك الإلكترونات والنيوترونات وحتى الذرات والجزيئات. وفقاً لمبدأ دي برولي، ويمكن لكل جسيم أن يتصرف كموجة، حيث يرتبط طول موجته بزخمه ، اما المادة والموجات المادية ،فالمادة العادية التي نشعر بها ونراها في حياتنا اليومية تتكون من ذرات، وهذه الذرات تتكون من جسيمات دون ذرية مثل الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات ، و ميكانيكا الكم تشير إلى أن هذه الجسيمات تمتلك طبيعة موجية، وهو ما يعرف بالموجات المادية (Matter Waves). إذاً، يمكن القول بأن جميع الأشياء تمتلك خواص موجية إلى حد ما ، ما يشي بأن الضوء والمادة: وجهان لعملة واحدة ، كيف ؟ وللإجابة نقول : على الرغم من أن كل شيء يمتلك خواص موجية، من الخطأ أن نقول بأن كل شيء هو موجات ضوئية ، فالضوء هو نوع خاص من الموجات الكهرومغناطيسية، بينما الجسيمات المادية تتصرف كموجات مادية ، فضلاً عن الضوء يتكون من فوتونات عديمة الكتلة، في حين أن الجسيمات المادية مثل الإلكترونات والبروتونات تمتلك كتلة وخصائص مختلفة ، اما التأثيرات العملية ، فإن فهم الطبيعة الموجية للجسيمات له تأثيرات عملية هائلة ،و على سبيل المثال، التقنيات المتقدمة مثل المجاهر الإلكترونية وأجهزة الليزر تعتمد على هذه الخصائص الموجية ، بالإضافة إلى ذلك، فإن فهم التداخل والحيود للجسيمات المادية يمكن أن يؤدي إلى تطورات جديدة في مجالات مثل الحوسبة الكمومية والاتصالات الكمية ، وخلاصة القول: بينما يمتلك كل شيء في الكون خواص موجية، ليس من الصحيح القول بأن كل شيء هو موجات ضوئية ، فالضوء هو نوع خاص من الموجات الكهرومغناطيسية، في حين أن الجسيمات المادية تمتلك موجات مادية خاصة بها ، وهذا الفهم يعزز تقديرنا لتعقيد الكون وجمال الفيزياء التي تشرح ظواهره ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .