يوجد في كافة دول العالم ظاهرة اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي أو الموازي وتوجد عدة مسميات مختلفة للاقتصاد الخفي منها الاقتصاد غير الرسمي، الاقتصاد غير المنظم، الاقتصاد المغمور، اقتصاد الظل، الاقتصاد الأسود، الاقتصاد السفلي، الاقتصاد الثاني، الاقتصاد غير المرئي، الاقتصاد غير المسجل، الاقتصاد الموازي. وهي كلها مسميات تتناول شأناً أو ظاهرة اجتماعية ذات أساس اقتصادي، ربما مع تطور المجتمعات كانت البدايات لمثل هذا الاقتصاد بأشكال بدائية، حيث كان الفلاحون المزارعون أو البدو الرحّل يبيعون منتجاتهم ومحاصيلهم مباشرةً ودون الحاجة لوسطاء أو لتراخيص أو لأماكن معلنة ومحددة، وفي الألفية الثالثة ما زلنا نشاهدهم على بسطاتهم التي يعرضون فيها منتجاتهم، وهم يتوزعون جنبات الطرق الرئيسة يبيعون ما يتماشى مع المواسم.
يقصد باقتصاد الظل أو غير الرسمي أو المعلن أو المصرح له: « كافة النشاطات الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت ولكن لا يتم إحصاؤها بشكل رسمي ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية ولا تدخل في حسابات الدخل القومي ولا تخضع للنظام الضريبي ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي، ولا يحدها جغرافيا أو أية متطلبات وهي تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول: يشمل أنشطة اقتصاديةً مشروعة ونظيفة ولا تتعارض مع الأعراف والمبادئ والقيم والعادات الموروثة مثل استخدام الأفراد لممتلكاتهم مثل السيارة أو الشقة للإيجار بشكل غير رسمي. أو البيع لسلع طبيعية ومنتجات يتقبلها بل ويبحث عنها المجتمع، مع فارق أنها تباع خارج السياقات الرسمية المعتادة.
النوع الثاني: يشمل الأنشطة الاقتصاديةً غير المشروعة وغير النظيفة والتي تتعارض مع القوانين داخل الدول ومن أمثلة ذلك تجارة المخدرات، وتجارة السلع المسروقة، وغيرها من أشكال الأنشطة غير المشروعة.
فكلما زاد معدل الاقتصاد الموازي على حساب الاقتصاد الرسمي، زادت المعلومات والإحصائيات المضللة وغير الدقيقة عن الإمكانيات الاقتصاديّة الحقيقية للمجتمع مما يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توزيع الناتج المحلي فهناك أنشطة تجارية تمارس دون تصريح من الجهات المعنية بإصدار تراخيص تلك الأنشطة مثل الأعمال المنزلية الإنتاجية والبيع على أرصفة الطرقات، وهناك أنشطة قانونية مرخصة ولكن تتضمن جزءا غير معلن عنه مثل المنشآت التي لا تضمّن جميع العُمال في سجلاتها الرسمية، وأنشطة أخرى غير مشروعة كعمليات التهريب وغسل الأموال.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن الاقتصاد الموازي يمثّل 50% من حجم الاقتصاد في العديد مـن الدول المتقدمة والنامية ويتركّز في القطاع الزراعي كون أنشطته تمارس يوميا مثل بيع المنتجات الزراعية والنباتية بين أفراد المجتمع، إلا أنه في بعض اقتصادات البلدان النامية يمثّل الاقتصاد الموازي نحو 80% من حجم الاقتصاد الرسمي وذلك لأسباب عدة أبرزها ارتفاع الرسوم على بعض التراخيص لممارسة الأنشطة التجارية، وارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في التأمينات الاجتماعية مما يساعد الأشخاص في البحث عن وظائف غير رسمية للتهرب من دفع تلك المساهمات ورسوم التراخيص، بالإضافة إلى وجود تعقيدات في الإجراءات الإدارية في بعض البلدان وارتفاع نسب الضرائب.
فيما يختص بالاقتصاد الموازي الأردني فقد تباينت نسب وأرقام هذا الجانب حيث أشارت دراسة إلى أن نسبة 4.5% من القوى العاملة في هذا الاقتصاد، فيما أظهرت دراسات أن نسبة الاقتصاد غير الرسمي تراوحت على مدى السنوات بما يعادل 15% من الناتج المحلي، ويقدر البنك المركزي حجم اقتصاد الظل بنسبة 24.7% بما يساوي 8.5 مليار دينار سنوياً، وقدرته دراسات وخبراء بين 26-30% من الناتج المحلي. واحتل الأردن المرتبة 104 على مستوى العالم على مؤشر عدم المساواة في الاقتصاد، ليظهر في تقرير منتدى الاستراتيجيات الأردني أن حجم العمالة غير الرسمية بلغت أكثر من 40% من القوى العاملة.
ويبقى مؤثر ومؤشر خطير وكبير غير ظاهر يتمثل في العمل غير المشروع والمجرّم كالتهريب أو الاتجار بالجنس والمخدرات والسلاح وغيرها من المجالات التي تنهك الاقتصاد المحلي والعالمي.