بقلم: د. رعد مبيضين - في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها عصرنا الحالي، أصبح الدمج بين التكنولوجيا ومختلف جوانب الحياة البشرية ضرورة حتمية تفرضها مقتضيات اللحظة الراهنة ، و تتجلى أهمية هذا الدمج في التوجيه نحو ما يمكن تسميته بـ "البرامج الكونية"، التي لا تقتصر على المشاريع الخدمية في المجالات الصحية، والتعليمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية فحسب، بل تتعداها لتشمل الاستفادة من التواصل الفضائي والتكنولوجي لتعزيز الأمن الإنساني على مستوى كوني، وليس مجرد عالمي أرضي ، و لتحقيق هذا الهدف الطموح، من الضروري بداية تأمين البنية التحتية للنشاطات المختلفة والمتنوعة في مجال الأمن الإنساني الشامل ، سيما وأن أمامنا مجموعة من الفرص ، مثل :
1. تحسين الصحة العامة : حيث تشكل التكنولوجيا الحديثة أدوات فعالة لتحسين الصحة العامة عبر تطبيقات تتبع الصحة، والطب عن بُعد، والأجهزة القابلة للارتداء التي تراقب الحالة الصحية للأفراد ، و تساهم هذه الابتكارات في تحسين الرعاية الصحية وتقليل الضغط على الأنظمة الصحية التقليدية، مما يعزز الصحة العامة ويزيد من جودة الحياة.
2. التعليم والتعلم عن بعد : وقد أحدثت التكنولوجيا ثورة في مجال التعليم، حيث أصبحت منصات التعلم عن بعد والتعليم الإلكتروني جزءًا لا يتجزأ من النظام التعليمي العالمي. وتتيح هذه المنصات للطلاب من جميع أنحاء العالم الوصول إلى موارد تعليمية غنية ومتنوعة، مما يعزز فرص التعليم ويقلل من الفجوات التعليمية بين مختلف الطبقات الاجتماعية.
3. الأمان الشخصي والمجتمعي : ولا يخفى على أحد ما توفر التكنولوجيا أدوات متقدمة لتعزيز الأمان الشخصي والمجتمعي، مثل كاميرات المراقبة، ونظم الإنذار الذكية، وتطبيقات تتبع المواقع ، و تسهم هذه الأدوات في تعزيز الأمن والسلامة في مختلف البيئات، سواء على مستوى الأفراد أو الشركات أو الدول.
4. تحسين إدارة الموارد الطبيعية : ويمكن استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة الموارد الطبيعية والبيئية من خلال تقنيات الاستشعار عن بعد، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة ، حيث تساعد هذه الأدوات في تتبع التغيرات البيئية، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية، وتحسين استدامة الموارد.
ومما لا شك فيه أن هناك جملة من التحديات علينا أن نعترف بها وهي على النحو التالي :
1. الخصوصية والأمان السيبراني : فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، تبرز مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية والأمان السيبراني ، نظرا لما تتعرض له البيانات الشخصية والحساسة لخطر الاختراقات والهجمات السيبرانية، مما يتطلب تطوير نظم حماية متقدمة وسياسات صارمة لضمان الأمان الرقمي.
2. الفجوة الرقمية : سيما وأنه
لا يزال هناك تفاوت كبير في الوصول إلى التكنولوجيا بين الدول المتقدمة والدول النامية، وبين المناطق الحضرية والريفية ، و تعيق هذه الفجوة الرقمية الاستفادة المتساوية من الفرص التي توفرها التكنولوجيا، مما يعمق الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
3. الاعتماد المفرط على التكنولوجيا : حيث يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى تقليل التفاعل البشري والاعتماد على الآلات في جوانب كثيرة من الحياة، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد ، ويتطلب ذلك توازنًا بين استخدام التكنولوجيا والحفاظ على العلاقات الإنسانية الطبيعية.
4. البطالة التكنولوجية : حيث
تؤدي الأتمتة والتطورات التكنولوجية إلى تغييرات كبيرة في سوق العمل، لأنه يتم وبشكل تلقائي استبدال العديد من الوظائف التقليدية بآلات وأنظمة ذكية ،و تثير هذه التحولات مخاوف بشأن البطالة التكنولوجية وضرورة تطوير مهارات جديدة تتماشى مع متطلبات السوق المستقبلية ، و الختام نعود ونؤكد على ما تقدم التكنولوجيا من فرصًا هائلة لتحسين الأمن الإنساني وتعزيز جودة الحياة على مستوى العالم ، ومع ذلك، تترافق هذه الفرص بتحديات كبيرة تتطلب تعاونًا عالميًا وجهودًا مستمرة لإيجاد حلول مستدامة ، و من خلال فهم هذه التحديات وإدارتها بحكمة، تمكننا من تحقيق التوازن المثالي بين الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية وحماية القيم الإنسانية الأساسية ، وبالطبع
يبقى النجاح الحقيقي في تحديد النهج المتخصص لدمج الدقيق بين التكنولوجيا والأمن الإنساني، وهذا مرهون بتجارب الجامعات والمعاهد التطبيقية المتخصصة وبفعالياتهم المختلفة في الإدلاء بالمعلومة الصحيحة في هذا المجال الذي نجده حتمية لا مفر منها وتحت طائلة القانون لكل جهة تستطيع أن تسهم وتتقاعس نحو الوصول لنتائج مجدية علمية وعملية بذات الوقت، وبالمطلق نجد أن هذا الأمر يخص الجميع دون استثناء، لهذا من المأمول أن يلتقي الوعي الإنساني العالمي العام مع الجهود التي نبذلها في الوصول إلى الغاية الإنسانية الكونية العامة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .