في دوائر صنع القرار الأمريكية، يبرز السؤال حول ما إذا كانت العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد تحولت من تحالف إلى عبء استراتيجي ؟!! وضمن هذا التساؤل نهدف إلى تسليط الضوء على الحقائق والبحث في الأسس الاستراتيجية لهذه العلاقة لتقديم رؤية واقعية ، فما هي الأسس الاستراتيجية للعلاقة ؟! وللإجابة نقول :
منذ تأسيس دولة إسرائيل، قدمت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً واقتصادياً هائلاً، كجزء من استراتيجيتها الأوسع لتعزيز الاستقرار الإقليمي ومواجهة التهديدات السوفييتية خلال الحرب الباردة ، فضلاً عما شهدت المنطقة والعالم من تغييرات دراماتيكية، بدءاً من انهيار الاتحاد السوفييتي، وصولاً إلى صعود قوى جديدة وتغيرات في الديناميات الإقليمية، ما أثر على وضع إسرائيل كحليف استراتيجي للولايات المتحدة ، إضافة لذلك
الضغوط السياسيةوالاقتصادية
ففي السنوات الأخيرة، أصبحت العلاقة بين أمريكا وإسرائيل محط انتقادات واسعة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والضغوط السياسية الداخلية في الولايات المتحدة ، مما طرح تساؤلات مشروعة أثيرت حول جدوى الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل، في ضوء التوترات التي أثارتها السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالصراع الفلسطيني والاستيطان، وما تسببه من تأثير سلبي على سمعة الولايات المتحدة ، وما له من تأثير على العلاقة من ناحية ، وعلى المصالح الأمريكية من ناحية ثانية ، هذا عدا عن ان
الدعم الثابت لإسرائيل قد يؤدي إلى تصاعد الانتقادات من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما يعرقل جهود السلام والاستقرار الإقليمي ، و قد يؤثر ذلك أيضاً على العلاقات الأمريكية مع دول أخرى ذات أهمية استراتيجية، مما يستدعي إعادة تقييم هذه العلاقة لضمان أنها تظل مفيدة وسليمة في سياق التحديات المتزايدة ، مما وضع التحديات المستقبلية على الطاولة الأمريكية ، سيما وأن التغيرات الحالية في السياق الدولي تفرض ضرورة مراجعة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل، لضمان عدم تحولها إلى عبء استراتيجي ، ويجب على صناع القرار في الولايات المتحدة مراجعة هذه الشراكة بعقل مفتوح، والعمل على تحقيق توازن بين المصالح الاستراتيجية وضغوط السياسة المحلية والدولية ، و من خلال هذا التقييم، يمكن للولايات المتحدة ضمان أن تبقى العلاقة دعماً حقيقياً بدلاً من عبء متزايد ، في ظل تداخل العوامل وتأثير اللوبيات ، حيث
تتسم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بالتعقيد والتداخل بين المصالح الاستراتيجية والاعتبارات الثقافية والإيديولوجية ، و رغم وجود ضغوط من اللوبيات، فإن الولايات المتحدة أثبتت قدرتها على ممارسة تأثير فعال على إسرائيل، كما يظهر من تدخلات تاريخية مثل إجبار الرئيس آيزنهاور لإسرائيل على الانسحاب من سيناء في عام 1957، وتحدي الرئيس ريغان للضغط اليهودي بقرار بيع طائرات الأواكس للسعودية ، و هذه الأمثلة تؤكد أن العلاقة ليست محصورة في دائرة تأثير اللوبي بل تتسم بتوازن دقيق بين المصالح الوطنية والضغوط اللوبية ، وضمن هذا السياق يتبلور تساؤل حول : جهود العرب وتأثيرها ؟! حيث تبدو جهود العرب لتغيير واقع العلاقة الأميركية-الإسرائيلية معقدة، خاصة في ظل ضعف التماسك العربي وتعدد التحالفات مع الولايات المتحدة ، على الرغم من محاولات التعاون العربي-الأميركي، فإنها لا تكفي لسد الفجوة الثقافية بين العرب والأميركيين ، ومع ذلك، يمكن للعرب والمسلمين التأثير على السياسة الأميركية من خلال التركيز على المصالح الاستراتيجية وتعزيز التناقضات بين المصالح الأميركية والإسرائيلية، كما يظهر من الحظر النفطي في عام 1973 م ، و خلاصة القول : فإنه على الرغم من تعقيد العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية وأبعادها الاستراتيجية، فإنها ليست بالضرورة عبئاً استراتيجيا ، وإنما هي علاقة تتسم بالتوازن والتفاعل بين مختلف العوامل المؤثرة، التي تتغير مع تطور الظروف الجيوسياسية ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .