زاد الاردن الاخباري -
الوقائع حصراً وليس الأمنيات ولا الخيالات، تقول اليوم إن الأحزاب السياسية التي ولدت مؤخراً وتستعد للانتخابات في الأردن تعاني أشد المعاناة من «نقص السيولة النقدية».
والوقائع الاجتماعية توضح بجلاء أن تلك الأحزاب وبعد سلسلة من عمليات الضخ والنفخ فيها «أنفقت ما توفر لديها من مال» خلال عام ونصف على المقرات والاجتماعات والجولات و«المناسف» واكتشفت عندما دخل «الاستحقاق الانتخابي» عدم وجود مال مخصص لأغراض التقرب من جمهور الناخبين.
الشارع في الواقع لا يريد انتخابات ولا أحزاباً ولا برلماناً في الأساس… تلك قناعة لطالما سمعت من قطب البرلمان خليل عطية، الذي أصر لسنوات على أن المواطن الأردني هوسه اقتصادي ومعيشي بالمقام الأول، وأنه شخصياً لم يقابل ناخبين كثراً يطالبون بالديمقراطية أو الإصلاح السياسي.
عملياً، «مسار التحديث» تجاوز تمام الصورة التي يتحدث عنها خبير من وزن عطية، وأصبح -كما قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات موسى المعايطة، مساء الجمعة- «استراتيجية وطنية لا رجعة عنها».
لا أحد طبعاً يمكنه الاعتراض على مقولة المعايطة، لكن أحزاب المنظومة الجديدة وعلى أعتاب «الانتخابات» اصطدمت بالوقائع «المالية» فقوائمها الخالية بنسبة كبيرة من «برامج حقيقية قابلة للتطبيق ومقنعة» لا يوجد ذخيرة دسمة يمكن أن تقدمها للمواطن ـ الناخب.
والحصول على الأصوات يتطلب جولات ومهرجانات وخطابات تتخللها نقليات وخيم مستأجرة، وبالحد الأدنى أطباق حلويات مع يافطات ومتطلبات دعائية.
حمس قادة بعض الأحزاب البارزة تضمن تلميحاً مباشراً لحقيقة واقعية تقول إن «الأثرياء» وأصحاب الإمكانات المالية في العمل الحزبي «دفعوا كثيراً» مالياً على نفقات «تأسيس الحزب» لا بل إن بعضهم دفع، وبعضهم الآخر امتنع.
وعليه، لم يعد منصفاً لأثرياء أي حزب جديد الاستمرار في الدفع على نفقات الانتخابات من أجل طموحات «شخصية ولم تصبح بعد وطنية أو برامجية» لآخرين؛ ليس لأي سبب، ولكن لأن «العصبية الحزبية» لا تزال في طور التكوين، ولأن التجارب الجديدة مليئة ـ في رأي سياسيين كثر بينهم الدكتور ممدوح العبادي ـ بـ «أصحاب الطموحات».
وإن كان «التقول» عبر منصات التواصل الاجتماعي بدأ «يجتاح الجميع».
ويقول سياسي رفيع المستوى: «لا يوجد انتخابات بدون تحريك مالي واقتصادي». لكن الشغف بالحرص على «تحييد المال» دفع السلبيين في التواصل إلى مزيد من المبالغات، والحد الفاصل ممكن ومتاح ما بين الحرص على السياق القانوني ومعادلة «متزنة أكثر» منطقية لا تطيح بسمعة كل المترشحين.
المراجع التحديثية لا تريد المزيد من جرعات «ادعاء الولاء» بل ممارسته بعمل برامجي إجرائي يصلح لبناء مستقبل.
والواضح بعد قصة «تحريك ملف للقضاء بناء على منشور لشاب» أن الأحزاب وفعاليات الهندسة ومعها بعض المؤسسات، برسم «الفشل المرجح» في تنفيذ المهمة المطلوبة.
ومن أراد دليلاً على احتمالات الفشل في إدارة الملف، كل ما عليه مراقبة ذلك النقاش العدمي بعنوان «حماية الانتخابات من تأثيرات المال السياسي»؛ لأن المال الانتخابي -كما يرى العبادي- «كان وسيبقى» حاضراً، والدولة فقط تستطيع بالتأكيد السيطرة عليه والحد منه، مع أنه مرافق «اعتيادي» لأي انتخابات في مجتمعات غير ديموقراطية بالوراثة.