لم تسنح لي فرصة الاستماع لتصريحات حارس منتخبنا الوطني السابق عامر شفيع سوى أمس، واستوقفني كثيرا ما قاله. كما لم تسنح لي الفرصة للاستماع لوجهة النظر الأخرى المتمثلة باتحاد كرة القدم، الذي يعيش في جزيرة منعزلة، يديرها موظفون لا يستمعون إلا لأنفسهم!
يقول شفيع في تصريحات متلفزة إن "سمر نصار رفضت مباراة اعتزالي مع إسبانيا، ولم أقدّر من قبل الاتحاد الأردني لكرة القدم"، وبسؤال محرك البحث العالمي "جوجل" عن نصار، تبين أنها موظفة في اتحاد كرة القدم وتشغل موقع الأمين العام له. ربما تكون تملك مبررات واقعية لسبب رفضها طلب شفيع. لكن بإجراء مزيد من البحث لم أجد ردا واحدا منها، أو من اتحاد الكرة، ما يعني حكما أن ما جاء به شفيع حقيقي، وهنا الكارثة الكبرى!
وعند سؤال موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عن شفيع، لعمل مقارنة بين طرفي الخلاف، ومن منهما قدم أكثر لهذا البلد، يجيب الموقع "يعتبر عامر شفيع أسطورة كرة القدم الأردنية، وواحداً من أبرز نجوم قارة آسيا، وهو ضمن قائمة أكثر عشرة لاعبين خاضوا مباريات دولية، ويعتبر ثالث أكثر حراس المرمى في تاريخ كرة القدم العالمية خوضاً للمباريات الدولية. وعلى مدار مسيرته الدولية كان شفيع محور كل الإنجازات التي حققها منتخب الأردن".
بمزيد من البحث لتحقيق الإنصاف إن كان شفيع قد ربط اعتزاله بمباراة الأردن وإسبانيا فقط، وأن رفض السيدة نصار واتحاد الكرة جاء لأسباب واقعية، أجد أن الملقب بـ"حوت آسيا"، حاول أكثر من مرة، وقدم طلبا للاتحاد بتأمين مباراة اعتزال له مع أي منتخب كان، ولكن من دون أن يقابل طلبه بالاهتمام الذي يليق به.
ولمعرفة إن كان الأمر مرتبطا فقط بالحارس شفيع، لأسباب مهنية أو شخصية، عدت لتقرير الزميل خالد خطاطبة مدير تحرير الدائرة الرياضية في "الغد"، والمنشور نهاية العام الماضي بعنوان "شفيع.. 20 عاما من الخدمة ومباراة اعتزال في أدراج اتحاد الكرة!"، حيث يقول "عدد من نجوم كرة القدم أجروا بالفعل محاولات عديدة مماثلة من دون أن تسفر عن نتائج. حتى أن أحد النجوم كشف عدم قدرته على التواصل مع مسؤولي الاتحاد عبر الاتصالات، بعد أن قوبلت اتصالاته بالرفض، ما دفعه للاتجاه رويدا رويدا لإلغاء فكرة إقامة مباراة اعتزال يفترض أن تأتي بمبادرة الاتحاد كتكريم للنجم المعطاء، وليس منّة من أحد".
وعليه؛ ما الذي يجري في اتحاد الكرة وطريقة تعامله مع نجوم بإرث كبير، ومنجز لطالما أدخل البهجة لقلوب الأردنيين، وحظوا بشعبية جارفة عزّ نظيرها! هل يعقل أن يتحكم بقرار تكريمهم موظفة أو موظف دون أن يتنازلوا ويقدموا مبررات لقراراتهم، وكأنهم فوق الجميع، وأهمّ من الجميع، وأصحاب الرؤى الثاقبة الذين لا يأتيهم الباطل أبدا؟!
ما هي الرسالة التي تحاول السيدة الأولى في الاتحاد إيصالها لكل صاحب منجز؛ في السياسة، والاقتصاد، والريادة، والرياضة، والثقافة، وباقي الحقول؟ هل نقول لهم إنكم لن تحصلوا على تكريم يليق بما قدمتموه لهذا البلد! وما هي الرسالة التي نبعث بها للجيل القادم ممن يمتلك مواهب ومقومات النجاح والتفوق؟
أصحاب المواقع العليا، هم بلا شك أصحاب قرار، ولكن لا بد من أن تكون قراراتهم مبررة ومراقبة لكي تكون منصفة. أما قرار الأخت نصار ولها كل الاحترام ، فقد جاء بإهمال الرد على طلب شفيع، كما لو أنه لا يوجد طلب في الأساس، وهذا تصرف فوقي لا يليق بحق نجم أردني قدم الكثير لبلده وشعبه!