لو لم يكن للقائمة الحزبية سوى فضل بدء التواصل بين الأحزاب المتشابهة، لكفاها ذاك فضلا. ولو لم يكن لها سوى ميزة التفكير بالأردن كمجتمع خلال جهود بناء القوائم، لكان لها بذلك سبق، مع التأكيد انها مرحلة تجربة وتدريب للأحزاب وقياداتها وكوادرهاعلى بناء التحالفات، فإن بناء التحالفات الحزبية «علم» ومهارة قائمة بذاتها تحتاج إلى تخصص ومهارة وهي نادرة الوجود في ساحتنا السياسية.
محرك التحالف في هذه التجربة لم يكن في غالبيته يتعلق ببرامج الأحزاب ولا مواقف الأحزاب السياسية المحلية والدولية، بل كان تخطي العتبة من جهة والفوز بأكبر عدد من المقاعد من جهة أخرى ولهذا السبب، ساد في حسابات التحالفات التقييم الشخصي لفرص المرشح، ليس بالضرورة بسبب انتمائه الحزبي أو برنامج حزبه، بل بسبب وزنه الانتخابي كشخص على الأرض يضاف إلى ذلك مدى قدرته على المساهمة في نفقات الحملة الانتخابية. واجهت الأحزاب معضلة قلة وجود الشخصيات العامة ذات الحضور على مستوى الوطن بأكمله، فغالبية الأشخاص في الأردن هم شخصيات معروفة على مستوى المدن أو المحافظات في أحسن تقدير، بينما الحضور الوطني الكامل نادر! كما واجهت الأحزاب قلة في عدد الشباب والنساء المؤهلين ليصبحوا شخصيات وطنية عامة، وهذه ظاهرة تستدعي التمحيص. وأهم أسبابها هي غياب الأحزاب عن العمل البرامجي المباشر مع الشعب وغيابها عن العمل الفعلي في المحافظات. إن الطريق لانتشار الشخصيات الوطنية هو انتشار برامج الأحزاب على مستوى الوطن كله.
من مراقبة عامة للتجربة، فإن لا مصلحة حقيقية في جعل القائمة الحزبية مغلقة، وإنما جعلها قائمة مفتوحة يقلص من حدة التنافس الشخصي في مرحلة تكوينها، كما يعطي الحزب او الاحزاب المتنافسة فرصة أكبر للاستفادة من الثقل الانتخابي للأفراد، فما يزال مجتمعنا شخصيا، وما تزال الاحزاب قابعة وراء ظلال الأشخاص وتحتاج إلى وقت لكي تتقدم عنها.
الاحزاب من الوسط وحتى أقصى اليسار تدفع ثمن تهميشها عبر التاريخ، وتحتاج مراجعة شاملة وإعادة انتشار برامجي قواعدي، كما تحتاج إلى أن تنهض الكتلة التي تؤيدها عن حفلات الشواء يوم الانتخابات وتذهب لصندوق الاقتراع، تحتاج تجديداً في الخطاب ودعم مادي حقيقي. بغض النظر عن نتائجها في الانتخابات القادمة فإن اندماجها هو أمر طبيعي وواجب الحصول لكي تترك أثرا على الارض وتنتشر عمليا بين الناس. التواجد الشخصي ما يزال سيد الموقف والتقدم الحزبي على الشخصي يحتاج إلى وقت ومراكمة وصبر وعمل دائم وإن غدا للأحزاب قريب جنابك!