لقد كتبت مقالاً من قبل يتلمس متطلبات المرحلة القادمة والمسؤولية المشتركة بين المواطنين بشتى مستوياتهم، والحكومة من جهة أخرى والتي تعتبر الجهة التنفيذية الوحيدة في المملكة، كما أنني قد أشرت أيضاً إلى استخدام النقد البناء كوسيلة تفكير نموذجية للمواطنين للتنبيه على المشكلة ثم الوقوف عليها من أجل حلها إن كان عند الحكومة هي الأخرى النية الحسنة.
وفي العودة إلى أصل الموضوع وأثناء دخولي إلى ارض المملكة عائدا من المملكة العربية السعودية لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك بين أحضان وطني العزيز مروراً بالطريق المؤدي من حدود العمري إلى باقي محافظات المملكة عموماً، والعاصمة عمان ومحافظة الزرقاء على وجه الخصوص هزني منظر هذا الطريق الذي يعتبر واجهة الأردن وعنوان تقدمها، ويعكس مدى حرص الدولة على أرواح أبنائها في الداخل وفي الخارج. الحقيقة أن هذا الطريق يعتبر خطراً يهدد أرواح الناس ويسلب منهم لحظة الاستمتاع بالطريق بعد طول غياب، ففرحة الوصول إلى الأردن مسلوبة ومفقودة بسبب التعب والتركيز الواصل إلى أعلى حدوده، خصوصاً وأن معظم السائقين يأتون براً قاطعين مسافات طويلة، فأغلبهم يأتون من مسافة لا تقل بحدها المتوسط عن الألف كيلو متر.
وقد سمعنا كثيراً من إخوتنا المغتربين قصصاً كثيرة تعبر عن خطورة هذه الطريق، وأمنيات تخرج بتنهدات مصحوبة بالترجي لإصلاح هذه الطريق وتوسعتها. علما بان هذه الطريق ليست بمشكلة آنية حدثت منذ فترة بسيطة، وإنما هي مشكلة موجودة منذ زمن ليس بقصير (خطأ في الإنشاء والتصميم) والمصيبة بعدم وجود أي بوادر قريبة في المستقبل تشير إلى إصلاحها وتوسعتها من ألفها إلى يائها.
واجبي أولا كمواطن وشاهد ثانياً هو التنبيه لمثل هذه المشكلة، ولما يترتب عليها من انتقادات من قبل إخواننا المغتربين عند المقارنة بينها وبين الطرق السريعة الأخرى في البلاد المجاورة. ناهيك عن المخسر المترتب على هذه الطريق من ناحية اقتصادية، فكثير من إخواننا في الخليج العربي إضافة إلى آخرين من باقي الدول العربية مقيمين في دول الخليج العربي يتمنون زيارة الأردن، إلا أن الحائل عن الزيارة هي التوصيات المقدمة لهم من ناس سبق لهم أن عبروا هذه الطريق.
أتساءل هنا فيما إذا كان أحد الوزراء بشكل عام، والأشغال والتخطيط بشكل خاص قد عبر من هذا الطريق راكباً أو سائقاً لسيارته، والتساؤل هنا يشمل الحكومات السابقة، ويأتي بحكم البعد الجغرافي لهذه المنطقة خاصة إن كانوا يعيشون بمناطق راقية، لا يشوب طريقها شائبةً ما.
وبالرجوع إلى بداية هذا المقال في استخدام النقد البناء كوسيلة للكتابة وحل المشكلات، أرى بان الحل أيتها الحكومة الحالية لهذه المشكلة قد يكون انطلاقاً من الحكمة التي تقول أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل، وذلك من خلال التوسعة على فترات زمنية متجزئة، لكن الأهم لهذه المشكلة هو البدء وعدم التأجيل حتى النسيان.