في ظل تصاعد التوترات السياسية في المنطقة، يواجه الاقتصاد الوطني تحديات غير مسبوقة، فحرب الإبادة على الأشقاء في غزة والأزمات المستمرة على الحدود مع لبنان واليمن تزيد من تعقيد الوضع السياسي، مما يؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي في المملكة. لا شك أن حرب الإبادة في غزة تسببت في تداعيات خطيرة على المستوى الإقليمي، فالاضطرابات أدت إلى تعطيل التجارة والنقل، وتزيد من حالة عدم اليقين بين المستثمرين. التقديرات ربع السنوية لمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2024 للمملكة تُظهر نمواً بلغت نسبته 2.0 % بالأسعار الثابتة مقارنة مع الربع الأول من عام 2023، أما بالنسبة للتقديرات القطاعية، فقد أظهرت التقديرات الأولية أن غالبية القطاعات الاقتصادية قد حققت نمواً خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة مع الربع الأول من عام 2023. صندوق النقد يؤكد ان الاقتصاد الأردني قادر على إظهار المرونة، بما في ذلك في مواجهة التحديات في حرب الإبادة على الأشقاء في قطاع غزة والاضطرابات التجارية في البحر الأحمر، وعلى الرغم من هذا الأداء القوي، ما تزال "التحديات قائمة"، في أن الوضع الإقليمي غير المستقر يؤثر بشكل كبير على الآفاق للأردن"، كما أكد على أن الدعم الدولي القوي ما يزال ضرورياً لدعم جهود السياسات التي تبذلها السلطات ولمساعدة البلاد على تحمل تكاليف استضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين. السياسة المالية للأردن تواصل سعيها على مواصلة تقليص الدين العام مع توسيع الدعم للأسر الضعيفة، بينما تظل السياسة النقدية مركزة على الحفاظ على الاستقرار وحماية ربط سعر الصرف. لكن الحرب وتأثيرها في النمو والاستثمار يسلطان الضوء على الحاجة إلى مواصلة وتسريع هذه الإصلاحات، والسؤال الملح هنا: ماذا يمكن أن تفعل الحكومة الأردنية لمواجهة هذه التحديات المتزايدة اقتصادياً؟ وهل لديها خطط فعالة للتعامل مع هذه الأزمة؟ تزايد حالة عدم الاستقرار في المنطقة وانتقال الوضع ليصبح أكثر تعقيداً يجعل الكثيرين يتساءلون عن قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات فعالة لضمان استقرار الاقتصاد في مثل هذه الظروف، بلا شك هنالك عمل مؤسسي منهجي يقوم على متابعة ما يجري في المنطقة واتخاذ خطوات في الجانب الاقتصادي والمالي لمواجهته. الصادرات الأردنية تتأثر سلباً نتيجة التوترات الإقليمية، وتعطيل حركة التجارة وزيادة تكاليف النقل والشحن يضعف من القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية في الأسواق العالمية، وهذا يطرح سؤالاً حيوياً: كيف يمكن للحكومة أن تدعم المصدرين في مواجهة هذه التحديات؟ في الختام، يبقى التساؤل الكبير: هل ستتمكن الحكومة الأردنية من الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في ظل هذه الظروف؟ فالوضع الحالي يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة وإجراءات فعالة لمواجهة التحديات المتزايدة. الحكومة أمام اختبار حقيقي لقياس قدرتها على الصمود ودعم النمو الاقتصادي في بيئة إقليمية مليئة بالتحديات.