قراءة في دوافع اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر .. !!

في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي استهدف مجدل شمس وأدى إلى مقتل 12 طفلاً وإصابة العشرات، قررت إسرائيل اتخاذ خطوات عسكرية تحمل في طياتها أبعاداً استراتيجية معقدة ، و كانت التصفيات التي استهدفت زعيمي حماس وحزب الله، إسماعيل هنية وفؤاد شكر، بمثابة تجسيد لاستجابة إسرائيلية مدروسة لمجموعة من التحديات السياسية والعسكرية.
ولفهم ما حدث ويحدث علينا أن نتحدث عن الأبعاد الاستراتيجية للتصفيات
1. تقييم الخيارات الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل :
بعد الهجوم على مجدل شمس، واجهت إسرائيل خيارات استراتيجية متعددة، كل منها يحمل تداعيات مختلفة. أولاً، كان بالإمكان شن حرب شاملة ضد حزب الله، وهي خطوة قد تؤدي إلى دمار هائل في لبنان، وتعرض القوات الإسرائيلية وأرواح المدنيين للخطر، وتثير معارضة دولية قوية. ثانياً، يمكن تنفيذ حملة جوية محدودة تستهدف قدرات حزب الله، لكنها قد لا تفضي إلى تحقيق أهداف حاسمة وقد تؤدي إلى تصعيد محدود. ثالثاً، قد تستهدف إسرائيل البنية التحتية في لبنان، مما قد يتسبب في تأجيج التوترات مع المجتمع الدولي دون التأثير الكبير على حزب الله.
2. التصفيات كاستراتيجية موجهة:استهداف فؤاد شكر، القائد العسكري لحزب الله، يعكس قراراً استراتيجياً مركباً ، فشكر كان عنصرًا حيويًا في قيادة العمليات العسكرية للحزب، وتصفيته تقلص من قدرة الحزب على تنفيذ هجمات موجهة ضد إسرائيل ، و من خلال تنفيذ هذا الهجوم، تسعى إسرائيل إلى إضعاف حزب الله بشكل دقيق وموضعي، ودون الانزلاق إلى حرب شاملة قد تكون لها تداعيات كارثية.
أما تصفية إسماعيل هنية، الذي كان يقيم في قطر، فتعكس بُعداً دبلوماسياً إضافياً ، و كان هنية يلعب دوراً مهماً في التنسيق السياسي والدبلوماسي لحماس، ومقتله يهدف إلى تقليص نفوذ الحركة السياسية والإعلامية ، وعلى الرغم من أن هنية كان يقيم في قطر، فقد كانت إسرائيل حريصة على تجنب إحراج الدوحة، التي تلعب دوراً وساطياً في الصراعات الإقليمية ، ودعونا نلقي نظرة على التداعيات المحتملة والآثار الإقليمية :
1. الردود الإيرانية والتأثير على العلاقات الإقليمية:
تصفية هنية وشكر ستثير بلا شك ردود أفعال على مستويات متعددة. إيران، التي تدعم حزب الله وحماس، وقد تسعى للرد على هذه التصفيات بطرق تزيد من حدة التوتر في المنطقة ، ومن المحتمل أن تعزز إيران دعمها العسكري لحزب الله أو تقدم الدعم لحركات مقاومة أخرى كوسيلة للرد ، و كذلك، قد تسعى حماس للرد عبر تنفيذ هجمات انتقامية، مما قد يؤدي إلى تصعيد العنف في غزة والضفة الغربية.
2. تأثير التصفيات على جهود الوساطة والمفاوضات:
التحركات الإسرائيلية قد تؤثر بشكل كبير على جهود الوساطة التي تقوم بها قطر والدول الأخرى ، و تصفية هنية قد تعقد من جهود الوساطة الدولية وتؤدي إلى توترات إضافية في المنطقة ، وفي ذات الوقت، قد تؤدي التصفيات إلى إعادة تشكيل التوازنات السياسية في غزة، حيث يظل يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، هو اللاعب الرئيسي في تحديد استراتيجيات الحركة.
أما عن الاستنتاجات والتوجهات المستقبلية ، فإن
تصفية إسماعيل هنية وفؤاد شكر تسلط الضوء على كيفية توظيف القوة العسكرية بطرق مدروسة تهدف إلى تحقيق أهداف محددة دون التسبب في تصعيد شامل ، وهذه نقطة غاية في الخطورة وتستوجب من المقاومة إعادة النظر بعمق وفي كل الإستراتيجيات السابقة ، سيما وأن إسرائيل اتخذت من خلال التركيز على الأفراد الرئيسيين خطة بديلة ، بدلاً من الهجمات الواسعة، وتسعى إسرائيل إلى تعزيز موقفها الاستراتيجي وإرسال رسالة واضحة بشأن قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة وفعالة ، ومع ذلك، فإن هذه العمليات تأتي مع مجموعة من المخاطر والتحديات المحتملة ، و من الضروري أن تتعامل إسرائيل مع ردود الفعل المحتملة من القوى الإقليمية، وأن تظل حذرة في استراتيجياتها المستقبلية لضمان عدم تفاقم الأوضاع في المنطقة ، و في نهاية المطاف، تعكس هذه التصفيات التحديات المستمرة التي تواجهها إسرائيل في سعيها لتحقيق أمنها واستقرارها في ظل الأزمات المتجددة في المنطقة ، ومن خلال هذه التحليلات، يمكن القول إن العمليات العسكرية تستمر في تشكيل جزء أساسي من الاستراتيجيات الإقليمية والدولية، مع تأثيرات بعيدة المدى على التوازنات السياسية والأمنية في المنطقة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .

---