يمكن القول إن لا علاقات أردنية سورية سياسية في الأفق، إذ على الرغم من التنسيق أحيانا في بعض الملفات الفنية، الا ان العلاقة السياسية شبه مجمدة، وفي غرفة الانعاش.
مناسبة هذا الكلام أن هناك ملفات سورية ضاغطة على الأردن، ومن ابرزها وجود عدد كبير جدا من الاشقاء السوريين هنا، منذ سنوات طويلة، ومشاكل الحدود على صعيد المخدرات والسلاح، والمخاطر المتوقعة في مرحلة ما، اذا نشبت اي حرب اقليمية وهذا هو الاهم، حيث تشير التوقعات الى احتمال تدفق اخطار اكبر من جنوب سورية، على الرغم من ان دمشق تتجنب بشكل شكلي كل كلف الحرب الاقليمية، بسبب ملف غزة، على مستوى منطوقها.
الاشقاء السوريون في الأردن يعاني اكثر من 90 بالمائة منهم من ظروف اقتصادية سيئة، وبالكاد ينفقون على انفسهم على الرغم من ان الانطباع انهم يجمعون المساعدات من كل مكان، وهذا غير صحيح، اذ حتى حملات الاغاثة والمنظمات الدولية تراجعت مساعداتها المباشرة لهم، مثلما لم تتجاوز حصة الأردن في المساعدات الدولية 6 بالمائة من المفترض، بما يعنيه ذلك من ضغط اقتصادي وخدماتي وامني، فيما العلاقات مع دمشق الرسمية لا تساعد ابدا في استرداد السوريين وعودتهم. وتذكرون ربما ما اعلنت عنه عمان رسميا من مبادرة تحت التجريب بالتنسيق مع السوريين لعودة ألف سوري، وهي مبادرة لم تنجح، كون اغلب الاشقاء السوريين في الأردن يفضلون البقاء في الأردن، او الهجرة الى بلد ثالث.
الظروف الاقتصادية وهي سيئة كليا، والامنية وهي سيئة جزئيا، لا تشجع احدا على العودة كما ان دمشق الرسمية لا تبذل اي جهد مع الأردن لترتيب عودة السوريين، لا عبر مبادرة كبرى، ولا عبر تخصيص السوريين في الأردن بترتيبات محددة، هذا فوق ان كل المعلومات التي تصل السوريين في الأردن من اقاربهم تسبب لديهم القلق ولا تشجعهم على العودة.
الكتلة الديموغرافية السورية، اكبر عقدة في ملف تحسين العلاقات بين البلدين، لان عمان تعتقد ان دمشق تتعمد تركهم عقابا اقتصاديا للأردن على ما تراه تدخلا سابقاً في الحرب السورية.
ملف الحدود الاكثر حساسية امنيا، حيث المخدرات والسلاح، والمحاذير من "خطرين أمنيين" لا يتم الحديث عنهما علنا حتى الآن، حيث "الخطر الامني الاول" يتعلق بما قد تأتي به الحدود الأردنية السورية، من مخاطر اذا اندلعت اي حرب اقليمية، وهناك توقعات حساسة جدا، على صعيد السلاح والمقاتلين وما قد تفعله ميليشيات مقاتلة، في محاولة لدخول الأردن وشبكه باعتباره مجرد ساحة او جبهة في مجمل الوضع الاقليمي، خصوصا، اذا كانت هناك خلايا نائمة قابلة للتفعيل في هذا التوقيت، فيما "الخطر الامني الثاني" يتعلق بالخوف من موجات هجرة جديدة من جنوب سورية الى الأردن خصوصا، اذا اندلعت الحرب الاقليمية، وانفلتت الامور كليا، وشملت عدة دول، بما فيها سورية، المؤهلة لاعتبارات مختلفة ان تنزلق نحو الحرب، ونحن نرى يوميا، عمليات القصف الاسرائيلي ضد مواقع سورية.
ما بين الحسابات القديمة، والحسابات الاستراتيجية، والتوقعات المختلفة، يبدو انجماد العلاقة السياسية متوقعا، ولا يبدو في ظل التصنيفات السياسية والامنية والعسكرية لدول المنطقة، ان احتمالات تحسن العلاقات السياسية بين الأردن وسورية، واردة، خصوصا، ان سورية هنا مصنفة سياسيا في المعسكر الايراني، فوق التصنيف الروسي، وتقع في موقع حساس جدا بين الأردن ولبنان وفلسطين المحتلة، والعراق، بما يجعل التقارب الرسمي معها محفوفا بالخطر خصوصا، ان محاولات سابقة، خيبت الآمال من حيث النتائج ولم تؤد الى تحسن.
استبصار غوامض الغيب هنا، يقول ان العلاقة مع سورية، مؤهلة ايضا لتصنيع اخطار من نوع ثان عبر الحدود اذا نشبت الحرب الاقليمية، فوق تفاصيل الخريطة المعقدة حاليا.