أجمل ما في هذه الأيام هي درجة الوعي والدراية التي وصل لها الشباب ، فبرغم قسوة الحياة عليهم ومرارتها واتهامهم بأنهم جيل اتكالي ولا يحمل ولو ذرة واحدة من المسؤولية (يعني جيل نعنوع) إلا أن هناك اغلب هذا الجيل رائع وراقي ومثقف لدرجة أنه يناقشك ويحاورك في جميع المجالات ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية الخارجية والداخلية حتى خبايا الأمور لم تعد تخفى عليه...وله القدرة التامة على التحليل والتفنيد والخروج بخلاصة مدروسة ومنطقية لأي قضية أو مشكلة تُطرح على الطاولة المحلية ...
ولنا في هذه الدنيا اكبر برهان ، الشاب خليل لم يتجاوز العشرين من عمره ويعمل في أحد الكافيات في القرية بالإضافة انه على مقاعد الدراسة الجامعية ،دخل عليه ثلاثة رجال على مشارف الخمسين من العمر و طلبوا قهوة سادة.. وأثناء تجهيز القهوة سألوه عن أسمه واسم أبوه ثم بدء الحوار بينهم وبينه ... هم يسالوا ، وهو يجيب ..حتى أنهم نسوا أنفسهم وشربوا القهوة عنده من شدة الرغبة في الحوار معه ... وصلوا إلى الانتخابات والتصويت ، فقال أحدهم : أسمعنا انه المرّة هاي فخذ عشيرتك مؤيدين للمرشح الفلاني ؟ ... فأجاب : نحن نحترم جميع المرشحين .. ونحن نحترم القرارات الصادرة من العشيرة في تأييد فلان ، أو الوقوف مع فلان ، لكن يجب أن يكون لنا نظرة قوية في هؤلاء المرشحين لمعرفة الأنسب والأصلح والأقوى والأجدر على ملئ الكرسي والمكان بالشخص المناسب .. فربما يكون التأييد غير صائب من قبل الفخذ أو العشيرة في دعم فلان، فيكون السبب إما لقرابة، أو لنكاية بمرشح آخر، أو لغاية في نفس من قرر التأييد وأقنع من حوله رغم عدم قناعته الشخصية بذاك المرشح ... وأنا ضد من يقول لكل مرشح يلاقيه ( نحن معك ، أو أبشر بالفزعة ، أو إحنا عمدان خيمتك ..الخ ) فهذا قول فيه ضعف من قائله ، فلا يوجد إنسان ضعيف ، ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه موطن القوة ...
يعني خلينا نقول: ما ضل حدا أهبل ينساق وراء حَمّية قديمة أو عزوة غير واضحة ومدروسة ، فالجميع بات مدرك ويعي كل كبيرة وصغيرة تدور من حوله... ولا نجعل عقولنا فقط هي ما تختار وحدها ( في كل شيء) ولكن دعونا نُشرك مع العقل الضمير ..