راوي القصة شاب في الثلاثين من عمره و بيته يبعد حوالي الكيلو متر تقريباً عن السوق ، وفي احد الأيام ذهب ليخيط لأبنائه حقائبهم المدرسية عند خياط البلدة فوجده مغلق ... وحتى لا يرجع مرة أخرى بسبب بُعد المسافة جلس ينتظره عند صاحب الملحمة القريبة من الخياط ... ومن هنا بدأت الحكاية .. يقول الشاب : صاحب الملحمة رجل كريم مضياف يحرص على خدمة زبائنه وتقديم ما هو الأفضل لهم .. يستقبل الزبائن بصوته الجهور بكل حفاوة وترحيب ، القهوة السادة دائمة الحضور ، وعلبة التمر أو سلة التين والعنب موجودة للإكرام .. وأبرقة الشاي لا تفارق الغاز الموجود في الملحمة (على قول صب شاي يا قاسم للشباب) ... وإذا حضر موعد الغداء يكون للحضور نصيب في المشاركة بما هو موجود على النار ( إما صاجية أو معلاق أو أي شيء ...) ... لكن الشيء الغريب في صاحب الملحمة هو السرحان والوقت المطوّل الذي يصفن فيه خاصة عندما يفتح دفتر الديون ... يقول الشاب : أصابني الفضول بسؤاله عن هذا الأمر ، وفعلاً سألت ... فقال صاحب الملحمة : أنا لا أقصر مع أحد إذا ما مر بظرف... فربما يضطر إلى عمل عزومة مفاجئة أو عقه لأحد أبنائه أو حتى أضحية ... حتى في الشراء اليومي ...أقوم بالتسجيل على الدفتر وحتى اقبل السداد بالأقساط المريحة للزبائن ... لكن الشيء المزعج هو عدم الالتزام بالسداد.. فقد تراكم الدفتر وكَبُر حجمه.. وطفح الكيل مع أناس لا ينوون السداد ... ويقسم بالله (صاحب الملحمة) أن مشكلته ليست مع الفقراء ولا الناس العاديين وإنما مع بعض الأغنياء وأصحاب الأموال ..فتجد معه سيارة فاخرة وزوجته سيارة آخر موديل ، وكل أسبوع يمر على الملحمة مرة يأخذ ذبيحة كاملة ومرة نصف ذبيحة ، حتى أن طلباته مميزة ، يقف بالسيارة على باب الملحمة ويفتح الشباك : يا معلم حط نصف خاروف وردي صغير ، وثلاثة كيلو شغل كفته .. وخمسة كيلو شغل مشاوي ... ولما تجهزهن والصبي يحطهن بالسيارة ، بقول له : خلي معلمك يسجلهن على الدفتر.. وهات ركض ورآه لما يسد .. فصاحب الملحمة ينام ويصحو وعقله وذهنه مشغول في الديون والسداد لكي هو الآخر يلتزم بسداد التجار .. ومن باب الدعابة فمن كثرة طلبه من الناس بالسداد، عنده أبن أسمه سُداد ..
فهذه الظاهرة باتت منتشرة ليست فقط في الملحمة ولكن في كل مكان ... وبناءً على طلب صاحب الملحمة، أراد أن يوصل هذه الرسالة دون أن يذكر أسمه أو اسم ملحمته ...