أسئلة كثيرة أتمنى أن تلقى جواب من أصحاب الاختصاص ، أحاول أن أسوق بعضها على عرابي ومفكري الاقتصاد الأردني و مخططوه وواضعو سياساته الاقتصادية الراضون جداً بالواقع ، و المتفائلون أكثر بالمستقبل ، ولذلك نتمنى أن يكون الاقتصاد الأردني عنصر مؤثر على خارطة الاقتصاد العالمي أو حتى العربي .
وهنا نسأل هل ستحقق المدرسة الاقتصادية الأردنية الحديثة ميز تنافسية في قطاعات مختلفة من الاقتصاد قد تستفيد منها الاقتصاديات العالمية ، كما كان ومازال هذا البلد مؤثر على الخارطة السياسية العربية فهل سيكون الأردن منبع النظريات الاقتصادية والإدارية الحديثة التي تفسر الظواهر الاقتصادية ويمكن أن تكون مدخل لتفسير هذه الظواهر في الاقتصاديات العالمية المختلفة ، و بها يمكن التنبؤ وإدارة الأزمات التي تحدث في شركة تويوتا ومثيلاتها ، وهل تستطيع نظرية الإدارة بالاقتصاد الأردنية تفسير الخسائر التي تحدث في خطوط الطيران اليابانية أو البريطانية ، ومحاولة النهوض بالاقتصاد الأمريكي أو الأوروبي أو التقليل من حدة الأزمة العالمية في الاقتصاديات العربية النامية .
لقد نجحت نظرية السياسة بالاقتصاد التي اتبعت سابقاً في تأسيس نظام تعليم قوي انعكس على إيجاد مخرجات طبية مؤهلة مكنت من تأسيس نظام طبي فعال كماً ونوعاً ، ولكن لم تعمق نظرية الإدارة بالاقتصاد حتى الآن في تمتين الأساس الاقتصادي أو حتى الإداري لقطاعات اقتصادية أخرى جديدة ، أو تمتين البناء على ما تم إنجازه سابقاً في القطاعات التي حققنا فيها الريادة والتنافسية وكانت هي عنوان البناء التنموي المحلي ، وكما نعرف أن كل تشريع أو قانون في أدنى الأرض ستجد له نصوص وروابط محفوظة لدينا ، وهي لو طبقت لكانت كفيلة بأن يكون الاقتصاد الأردني شبيه باقتصاد اليابان ، وفيها من الآليات التي تضمن عمل السوق بفعالية وكفاية عالية جدا ً ، إذن ما المشكلة وأين تقع طالما أن الاقتصاد العالمي محفوظ لدينا في كتب وأقراص ممغنطة واتفاقيات ؟
متى سيتجاوز الدينار الأردني حدود التعامل المحلي ، ويصبح مطلوب من قبل المسافرين الأردنيين تحديداً إلى الخارج ، ويكون بديلاً لحمل الدولار أو اليورو ، ومتى سيتم الإعلان عن استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم ، أو على الأقل مباريات القارة الأسيوية، ومتى يمكن القول أن الأردن بلد سياحي بل و محج سياحي لدول العالم لأن السكان المحليين بموجب ذلك يجب أن يأكلوا سياحة ، ويتنفسوا سياحة ، ويصبح هذا النشاط غير محكوم بموسم معين ، وهو الذي قد يمكن الأردن من امتلاك دخل سياحي يعادل مجموعة أضعاف الدخل القومي لأي اقتصاد مشابه ، وتصبح كذلك المعالم السياحية المحلية غير محكومة بقوانين هوامير المكاتب السياحية الكبرى واحتكارهم للخدمات السياحية الرديئة ، واستغلالهم غير المبرر لمن يأتي من الخارج.
الإصرار على إقحام الأردن في منظومة الاقتصاد العالمي قد يتم بصورة إجبارية بفعل حركة الاقتصاد وانتقال رأس المال والعمل ، ولكن ما نريده أن يكون متبادل في اتجاهين مؤثر عليه ومتأثر به ، وليس اعتباره متلقي فقط لما يحدث في غرف كبرى مؤسسات الأعمال العالمية الربحية ، ورهناً لعلاقات الأشخاص ومصالحهم الذاتية ، فحجة صغر حجم الاقتصاد لم تعد عائق بعدما أثبتت الكثير من الدول المشابهة لهيكلنا الاقتصاد نتائج تنموية واقتصادية لافتة ، فأكرر التدويل لا يعني استيراد الأزمات الاقتصادية ، أو فتح ملحقيات تجارية في السفارات الخارجية ، أو فتح بنوك خارجية وجذب استثمارات أجنبية تنتهك حقوق العمال وتدفع لهم فتات الدخل ، وتسرح الكثير منهم إلى الشوارع ومحطات الفساد ، وتأتي بعمالتها الأسيوية الرخيصة في حقائبها لتضيف إلى المجتمع الأردني نماذج من التخلف والترهل والفساد .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
جامعة الخرج
Nsour_2005@yahoo.com