بداية علينا الحديث أن الدولة الاردنية تتعامل بذكاء مع ملفاتها الخارجية وتعي تماماً كل مفاتيح المنطقة ومتغيراتها ويحظى صانع السياسة الخارجية _جلالة الملك عبد الله الثاني _ بقبول دولي قل نظيره بالإضافة إلى خبرة القائد وحنكته السياسية وحضوره الدائم في المحافل الدولية، والذي يثبت دائماً انه رجل السلام والقائد الفذ ..
أما إذا تحولنا في الحديث إلى الملفات الداخلية وابرزها الملف الاقتصادي، فسوف نجد أنفسنا في انحدار مستمر نتيجتاً لتراكم السياسات المتخبطة ، والمتراقصة على جيوب المواطنين ، فمنذ سنوات والى يومنا هذا تصنع الحكومة حلولها للملف الاقتصادي عبر ركيزتين اساسيتين ، المواطن برفعها للضرائب ، وصندوق النقد الدولي عبر طلب المزيد من القروض ذات الشروط المعبأة بوصفات سياسات تقشفية صعبة يحصد شوكها المواطن ..
هذا الملف (الاقتصادي) الأهم داخلياً ، هو ما يضع الاردن اليوم في مواجهة تحديات عديدة نتيجة غياب الدعم المالي لأزمة الاردن الاقتصادية ، بسبب مواقفه السياسية في المنطقة ، بداية من اعلان صفقة القرن وانتهاءً بالحرب الهمجية على غزة، والمؤامرات المرسومة في الخفاء ، البطالة المتسارعة ، الاسعار المتصاعدة والكثير من التحديات ..
وحتى نبحث عن الحلول علينا في البداية الحديث عن مفاهيم الاستقلالية ، َوانه يجب على الدول بوجه عام - وبعيدا عن انجاز التحرر والخلاص من المستعمر او المنتدب - أن تحقق نتائج واضحة وواقعية وملموسة في سياسات الاعتماد على الذات ، ولكل دولة معادلتها الخاصة وفقا لما تمتلكه من موارد طبيعية بالتناسب مع المساحة ومواردها البشرية ، وفي حال كانت الدولة ذات موارد محدودة فإن الحل الأمثل يأتي بمحورين ؛ الاول عبر تحقيق اعلى درجات الاستغلال لما تمتلكه من موارد وان شحت ، والثاني عبر تنمية مواردها البشرية للتحول من دولة مستهلكة الى دولة منتجة .
وفي دراسة حالة الدولة الاردنية ؛ فإنها منذ سنوات بعيدة تشكو من تداعيات الدين العام ، والفجوة الكبيرة بين الايرادات والصادرات ، ويعزى السبب لوجود هذه الفجوة لعوامل خلفتها حكومات الفساد اولا عبر خصخصة الكثير من المؤسسات والشركات ، وثانيا الى عدم وجود التنوع في الموارد الطبيعية ، وثالثا ضيق الافق في التخطيط عبر توجيه المجتمع للمسارات الاكاديمية وتحييدهم - عبر التهميش الممتابع - عن مسارات المهن والحرف والانتاج والتكنولوجيا التي فازت في رهان السباق مع انتاجية المكاتب في دول أخرى ، وعلينا هنا أن نعلم أن الدولة الأردنية تعتبر من الدول ذات الطاقات المتّقِدة، فثلث الشعب الأردني في سن الشباب ويحتاج إلى توجيه أو تدريب أو خطط واضحة ، تحاك بخيوط وطنية اردنية حقيقية، عندها فقط سنكون في مصاف الدول المتقدمة والمنتجة، وتحويل المجتمع الى مُنتِج زراعي او صناعي او رقمي ، عندها فقط سنرسل رسالة للمتربصين أن قنوات القرار أصبحت تتعامل بجدية اكبر مع هذه الملفات المتشعبة المتشابكة، والتي دائماً يستغلها أصحاب الاجندات الخارجية ويراهنون عليها ويحاولون العبث في أمننا واستقرارنا ، وهي ايضاً رسالة تبعثها الدولة لعدة جهات خارجية ، لجهات عربية اغلقت ايديها عن التعاون ، نخبرها بأننا لدينا ماسيضعنا على سكة الاكتفاء ، ولجهات غربية تؤكد على ضرورة خلق تنازلات وتفاهمات وتعاونات اقتصادية مع إسرائيل ، نخبرها بأن الاتفاقيات مهما بلغت شروطها فهي ستلغى ..
وبلغة سياسية اكثر وضوحا ، فإن ثورة إصلاح حقيقية والعمل بروح الفريق ، ستكون دليلاً على قوة الاردن في كسر حواجز الاخضاع وتحطيما لكل قيود فرض سياسات الصمت التي تحاول دولا عربية وغربية ان تمليها على الاردن ..
فأن نبدأ متأخرين خير من أن لا نبدأ
ومن هنا فإننا نحتاج وبشدة كشعب الى ان نتكاتف ، فنحن امام مواجهات صعبة، لكن دائما الحل موجود بهمة الشرفاء المخلصين للقيادة والوطن .
#حمى_الله_الاردن_ارضا_وشعبا_وقيادة
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي