تقترب الحرب بين إسرائيل وحماس من عامها الثاني، وتستمر تداعياتها في التأثير بشكل عميق على مختلف جوانب الحياة في إسرائيل ، و هذه الحرب، التي يمكن وصفها بحرب الاستنزاف، لا تقتصر أضرارها على الجبهة العسكرية فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد، والسياسة الدولية، والوحدة الاجتماعية ، و من هنا، يبرز السؤال: هل يمكن أن تؤدي حرب الاستنزاف إلى انهيار إسرائيل ، بدلاً من تحقيق الأهداف المرجوة منها ؟! وللإجابة بكلمة واحدة ، نقول : " نعم " ، ولكن كيف ؟!! إن استمرارية الحرب تعني جملة من الحقائق ، من ضمنها ،
الإرهاق العسكري والموارد البشرية ، فالحرب المستمرة تفرض ضغوطاً هائلة على الجيش الإسرائيلي، وبالأخص على جنود الاحتياط ، في ظل الاستدعاءات المتكررة لهؤلاء الجنود دون توفير بدائل كافية تضع عبئاً كبيراً على قدرتهم على أداء مهامهم بكفاءة ، و تزايد الاستنزاف الجسدي والنفسي لهؤلاء الجنود يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية، ويهدد قدرتهم على تحمل الضغوط في المستقبل ، و هذا الإرهاق لا يؤثر فقط على فعالية العمليات العسكرية، بل يمكن أن يؤدي إلى نقص في القوى البشرية المتاحة للدفاع عن إسرائيل ، أما التداعيات الاقتصادية ، فالحرب تترك بصمات عميقة على الاقتصاد الإسرائيلي ، و مع استمرار الصراع، تزايد العجز المالي بشكل ملحوظ، حيث تخطى العجز 8%، ويتوقع أن يرتفع إلى 9% في العام القادم ، و هذا العجز المالي يتسبب في تزايد الديون، مما يؤثر على الاستثمارات العامة والخاصة في آن معاً ، فضلاً عن الأعباء المالية المترتبة على الحرب تؤدي أيضاً إلى تقليص الميزانيات المخصصة للخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، مما يؤثر سلباً على جودة حياة المواطنين ، إضافة لذلك حقيقية مخاطر العزلة الدولية ،والعزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل تتفاقم بسبب الحرب المستمرة ، و علاقتها بالدول الأوروبية، التي كانت من أكبر حلفائها، تشهد تراجعاً ملحوظاً ، حيث أن العديد من الدول الأوروبية تتبنى مواقف متباينة، وتدير ظهورها لإسرائيل بسبب استمرار الصراع ، و هذه العزلة تؤثر على الدعم السياسي والدبلوماسي الذي تحتاجه إسرائيل في المحافل الدولية، وتقلل من قدرتها على التأثير في القرارات العالمية التي تتعلق بالشرق الأوسط ، هذا عدا عن التأثيرات الاجتماعية ، فداخل إسرائيل، تؤدي الحرب إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية ، و التوترات بين مختلف فئات المجتمع تتزايد، مما يهدد الوحدة الوطنية ، و الصراعات الداخلية تخلق بيئة من عدم الاستقرار، مما قد يؤدي إلى النزاعات الأهلية ،و زيادة الاستقطاب الاجتماعي تؤثر على الاستقرار ، وتزيد من الصعوبات التي تواجهها الحكومة في الحفاظ على التماسك الوطني ، وضمن هذه الحقائق تأتي أهمية استراتيجيات المستقبل والتحديات في ظل هذه الظروف، ويصبح من الضروري أن تعيد إسرائيل تقييم استراتيجياتها العسكرية والسياسية ، وان استمرار الحرب دون تحقيق نتائج ملموسة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الداخلية والخارجية ، و ينبغي على صناع القرار في إسرائيل البحث عن حلول دبلوماسية تسهم في إنهاء الصراع بشكل مستدام ، و من الضروري أيضاً تعزيز الجهود لتخفيف الضغط الاقتصادي والاجتماعي لضمان الاستقرار ، وفي النهاية توضح تحليل تأثيرات حرب الاستنزاف أن الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس لا يقتصر على الاستنزاف العسكري فحسب، بل يمتد ليشمل التأثيرات الاقتصادية، الدولية، والاجتماعية ، وفي ضوء هذه التداعيات، يجب أن تسعى إسرائيل إلى إيجاد طرق فعالة لإنهاء الصراع وتعزيز الاستقرار الداخلي والخارجي ، و تبقى التحديات كبيرة، ولكن بإعادة النظر في الاستراتيجيات المتبعة، يمكن لإسرائيل أن تسعى لتحقيق تسوية سلمية تدعم استقرارها وتجنب الانهيار المحتمل ... !! مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .