إن طريق العظمة والخلود، طريق لا يليق إلا بالرجال الذين تنتمي لصفاتهم العظيمة من المجاهدين الذين حفروا أسماءهم بأحرف من نور ، من أمثال القادة الأبطال الشهداء، عمر المختار و وصفي التل وصدام حسين، ولذا يقول الله تعالى في كتابه الكريم "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْمَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا.
قادة حفروا أسماءهم في التاريخ لتذكرهم الأجيال القادمة بفخر و عظمة وكبرياء لما تركوا لنا من بصمات عظيمة في حياتنا وعالمنا. متفقين معهم سائرين على نهجهم ومنهجهم، لا خلاف على براعتهم وعبقريتهم وذكائهم العسكري والإنساني.
و حسب مجموعة من الحقائق التي أضهرتها و أوضحتها دراسات علمية، وإستطلاعات و آراء كان أهمها: أن الشعوب فقدت ثقتها في رجال السياسة ورجال الدين، الذين أصبحت صورتهم في أذهان الجماهير مشوهة. فهم يعملون لتكديس الثروات وتحقيق المصالح الخاصة، وينتشر بينهم الفساد، ويتعاملون مع الجماهير بالكذب والخداع، وينافقون أصحاب الحكومات من أجل الحصول على كرسي أو جاه.
لكنّ التآمر لتمزيق جسد الأمة وشق صفها، ليس ببدعة إبتدعها المتأخرون، ولا هم بأول من جاهر بمنكر التآمر مع الأعداء، بل كان ذلك، دأب الأولين المنهزمين، وبلاءهم الذي لم يستتروا منه، فها هي صفحات التاريخ تتقيأهم لما أحدثوا بها من سواد وقبح، وتفضح خياناتهم وفظائعهم وتحفظ أسماءهم في باب الُمنكَرين في مزابل التاريخ.
لا بد لنا أن نرى حاضرنا بعين بصيرة، ونحلل واقعنا بفكر مُدرك. فالعلل التي يعتل بها الجسد العربي والإسلامي اليوم من تفكك وتبعية ما هي إلا طبائع الحكم المهزوم، الواقع في وحل التخلف والتأخر، الحكم الضعيف المتملق للقوي، الساعي إلى تقبيل يده في سبيل صون مصالحه. وما هي إلا إنعكاس للإستبداد السياسي الذي يلوّح بمنجله فوق رؤوس الأنام.
إنّ النظرة هذه إلى التاريخ، والتبصّر في أحوال الحاضر هو ما سيجعلنا نفهم ما يجري، وإنّ أي مخرج من كهف التبعية والتخلف لا بد أن يكون أساسه رفض الظلم والفساد الذي تمارسه الحكومات على شعوبها. ولابد للشعوب المغيبة أن تعي وتدرك تماما أنها يدٌ في اللعبة وليست حجر نرد، عندها فقط ستنهض الأمة من براثن التخلف والتأخر، وتلملم أطراف التشرذم والإنقسام لتصنع لنا تاريخا مشرفا نفخر به.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي