الخلط بين الظاهرتين دليل عجز عن تقبل الرأي الاخر والدفاع عن السياسات
23/2/2010
اشتكت الحكومة مؤخرا من ظاهرة "الطخ" الاعلامي والسياسي ضدها. واكد رئيس الوزراء سمير الرفاعي اكثر من مرة ان حكومته تعرف الاهداف الكامنة وراء ذلك لكنها لن تخضع لضغوطهم.
الشكوى الحكومية مبررة, فهناك بالفعل منصات اعلامية وسياسية متخصصة بقصف الحكومة على مدار الوقت ومصدر النيران في العادة من اشخاص او جهات تضررت من قرارات وسياسات الحكومة خاصة مدونة السلوك الاعلامي, ويلجأ اصحاب هذا الاتجاه الى شخصنة القضايا وتشويه السمعة بهدف ارباك الوزراء وتحطيم شعبية الحكومة. ومن الانصاف القول ان ظاهرة "الطخ" لا تقتصر على حكومة بعينها, فقد واجهت الحكومات السابقة الوضع نفسه وعانت من حملات منظمة لتصفية الحسابات الشخصية.
في مقابل »الطخ« الموجه للحكومة لاسباب واعتبارات معروفة هناك من ينتقد سياسات وقرارات الحكومة لاعتبارات المصلحة العامة ويكون النقد احيانا اشد في اسلوبه ومضمونه من "الطخ" مع الاختلاف الجوهري في الغايات والاهداف بين الاتجاهين.
واتجاه النقد في اوساط الاعلام والسياسيين هو حالة دائمة ومستمرة ومطلوبة في سياق موضوعي ينبغي تعزيزه كحق دستوري لكل مواطن.
ففي بلد مثل الاردن يعج بطيف سياسي واسع وصحف ومواقع الكترونية مستقلة يصبح الاختلاف في الرأي ونقد الحكومات ومراقبة سياساتها وسلوكها امراً طبيعيا في المشهد السياسي.
لكن بعض المسؤولين والحكومات الضعيفة تلجأ احيانا الى الخلط المتعمد بين "الطخ" والنقد لعجزها عن مواجهة الانتقادات, او الدفاع عن اخطاء الوزراء التي سجلت رقما قياسيا في الاسابيع الاولى من عمر حكومة الرفاعي وكانت مادة دسمة لوسائل الاعلام. ويعطي هذا الخلط المبرر للحكومة للتصرف كضحية للمتضررين من الغاء السياسات الاسترضائية والممارسات التنفيعية.
"الطخيخة" لا تعنيهم السياسات والبرامج وهم مستعدون للتوقف اذا ما استعادوا امتيازاتهم, وشهدنا في مراحل سابقة كيف كان البعض من الاعلاميين والسياسيين يتلونون ويتقلبون حسب مصالحهم.
فالمسؤول الفاسد يتحول الى رجل شريف بمجرد ان يمد يد الدعم لهؤلاء.
اسوأ ما يمكن ان تفعله الحكومة هو وضع الاتجاهين في سلة واحدة لانها بذلك تخدع نفسها وتسيء لاصحاب الرأي الآخر وفي المحصلة لن تتمكن من اسكات مصادر النيران والنقد.
لقد نجحت حكومات سابقة في وقف الطخ ضدها بوسائل يعرفها الجميع, لكنها فشلت في منع النقد للسياسات والاداء فتلك حالة موضوعية وصحية نحتاج الى المزيد منها, ومن اجلها على كل الاطراف ان تتحمل ما يصاحبها من "طخطخة".