ما هو تأثير إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي حول خفض أسعار الفائدة ؟!!

للإجابة على هذا السؤال ،
نستطيع القول أننا أمام تحول استراتيجي في السياسة النقدية ، سيما وأن إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عن احتمال خفض أسعار الفائدة يُعد تحولاً استراتيجياً طال انتظاره في السياسة النقدية العالمية ، فهذا الإعلان، الذي جاء على لسان رئيس البنك جيروم باول خلال ندوة جاكسون هول، يمثل منعطفاً رئيسياً ليس فقط في مسار الاقتصاد الأميركي، بل يمتد تأثيره إلى الاقتصاد العالمي بأسره ، و لفهم تأثير هذا القرار بشكل شامل، من الضروري تحليل السياق الاقتصادي الذي دفع إلى اتخاذه والآثار المتوقعة على الأسواق والاقتصاد العالمي ،
وعن السياق الاقتصادي للقرار ، فعلى مدى العامين الماضيين، واجه الاقتصاد الأميركي تحديات ضخمة تمثلت في ارتفاع حاد في معدلات التضخم، وهو الأعلى منذ عقود ، وكانت هذه الزيادة في التضخم نتيجة لتداعيات جائحة كورونا وما صاحبها من اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات ، و لمواجهة هذه الضغوط التضخمية، تبنى الاحتياطي الفيدرالي سياسة صارمة لرفع أسعار الفائدة، مما زاد من تكلفة الاقتراض وقلل من الطلب الاستهلاكي بهدف كبح جماح التضخم ،ولكن، في الآونة الأخيرة، شهد الاقتصاد الأميركي تغيرات إيجابية ، حيث أظهرت البيانات أن التضخم بدأ في التراجع، مقترباً من الهدف الذي حدده البنك عند 2% ، ليعود هذا التراجع إلى حد كبير إلى التأثير على زيادات أسعار الفائدة السابقة، والتي ساهمت في تقليل الطلب وضبط الأسعار ، بالإضافة إلى ذلك، شهدت سلاسل التوريد العالمية تحسناً ملحوظاً، مما ساعد في تخفيف الضغوط التضخمية ، ولمعرفة
الآثار المحتملة لخفض أسعار الفائدة ، فهي على النحو التالي :
1. تأثيرات مباشرة على الأسواق المالية :
- الأسهم والسندات : استجابت الأسواق المالية بسرعة وإيجابية لإعلان خفض أسعار الفائدة، حيث حققت مؤشرات الأسهم الرئيسية مكاسب ملحوظة ، و يعكس هذا التحسن في معنويات المستثمرين ، و توقعات السوق لبيئة نقدية أكثر دعماً للنمو، خاصة في القطاعات الحساسة للفائدة مثل العقارات والتكنولوجيا ، و كما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، مما يدل على تعديل توقعات المستثمرين بشأن مسار أسعار الفائدة مستقبلاً.
2. تأثيرات على الاقتصاد الأميركي :
- الاقتراض والاستثمار : من المتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليل تكاليف الاقتراض، مما يمكن أن يعزز النشاط الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي ، وهذا التوجه قد يدعم النمو الاقتصادي ويسهم في تعزيز التوظيف، مما يساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ، كما قد يسهم الانخفاض في أسعار الفائدة في استقرار سوق العمل، الذي شهد مؤخراً تباطؤاً في خلق فرص العمل وزيادة الأجور.
3. التأثيرات العالمية :
- قيمة الدولار والتجارة : قد يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تراجع قيمة الدولار الأميركي، مما يعزز تنافسية الصادرات الأميركية في الأسواق العالمية ،و هذا التراجع يمكن أن يدعم القطاعات التصديرية في الولايات المتحدة ويساهم في تقليل العجز التجاري ، وبالمقابل، قد تجد الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار أو تعتمد بشكل كبير على الديون المقومة بالدولار نفسها مضطرة لإعادة تقييم سياساتها النقدية لمواجهة هذه التحديات.
4. التأثيرات على السياسات النقدية العالمية :
- ردود أفعال البنوك المركزية : قد تتفاعل البنوك المركزية في الدول الأخرى مع تقلبات الدولار من خلال تعديل سياساتها النقدية ، و على سبيل المثال، قد تتجه البنوك المركزية في أوروبا وآسيا إلى تأجيل رفع أسعار الفائدة أو حتى خفضها، لتجنب ارتفاع عملاتها بشكل كبير مما قد يؤثر سلباً على تنافسية صادراتها.
والخلاصة ، نحن بصدد تحول استراتيجي ومؤشرات للمستقبل ، وإعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عن احتمال خفض أسعار الفائدة يمثل تحولاً بارزاً في السياسة النقدية ويعكس تغيرات إيجابية في الظروف الاقتصادية التي كانت متردية في السابق ، وهذا القرار قد يكون بداية لمرحلة جديدة تتسم بالتوازن بين دعم النمو الاقتصادي وإدارة مخاطر التضخم ، ورغم أن القرار لا يزال مشروطاً بالبيانات الاقتصادية المستقبلية، فإنه يُعتبر خطوة مهمة نحو تعافي الاقتصاد من آثار جائحة كورونا وعودة الاستقرار النقدي العالمي ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي

---