خاص - عيسى محارب العجارمة - لعل الوصول الى الحكمة بأثر رجعي هو اهم ما نحتاجه اليوم في ظل حدث هائل يتمثل باعادة احتلال الضفة الغربية وشمالها تحديدا ، وارتقاء عشرة شهداء وهو يذكرنا بأجتياح الضفة عام 2002 فعلى ما يبدو ان مشهد الختام لم يصل لانزال الستار عن المشهد المؤلم حد الموت .
ورغم ان عجلة التاريخ لا تكف عن الدوران ، حتى في اشد اللحظات قساوة وقتامة ، فلا بد من تواصل عناصر القتال في الضفة الغربية ، وعناصر الدبلوماسية العربية وطليعتها جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده والحكومة الرشيدة ، فالضفة الغربية هي قصة اردنية بأمتياز شئنا ام ابينا ، ولا بد من مفاوضات فك الاشتباك الفوري حتى لا تتكرر مأساة غزة ، وهو حجم العطاء المبذول من لدن جلالة الملك وكما فعلت الامة كلها بالسنوات المشحونة بالقلق والامل حسب تعبير هيكل من سنة 1967 الى سنة 1973 سابقا .
فالسلام هو موازين قوة والحياة صراع مستمر ، ونحن هنا نعيد الوقائع وعذابها باحتلال الضفة الغربية سنة 1967 وما اشبه الليلة بالبارحة يا عرب ، فالعمل السياسي الملقى على عاتق جلالة الملك عبدالله الثاني بهذه اللحظة المفصلية من تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي يختلف عن العمل الادبي ومن عديده كتابة المقالات كما افعل انا الان ، لان صانع القرار بالعمل السياسي امامه صراع من صنع عوامل تاريخية اكبر من قدرة الاردن والامة العربية كلها والمسافة طويلة بين المشاعر والمصائر التي يعمل جلالة الملك على تجنبها .
ولان جلالة الملك صانع قرار سياسي فهو الاقدر على اختيار لحظة رفع الستار عن كلمته في حوار التاريخ واعادة احتلال شمال الضفة الغربية اليوم مرتكزا على حسابات ابعد ما تكون عن ردود الافعال فهو ملك ويعرف الكثير عن صراع الارادات ما بين الصهاينة واغبياء العروبة وداعميهم بعواصم اقليمية تزيدهم غباء كطهران وغيرها .
فالعرب بعد معركة السويس عام 1956 امتلكوا فكرا وعقلا وامكانية حوار المستقل على مسرح العالم والعصر وهو ما نحتاجه اليوم وقبل كارثة اعادة احتلال الضفة الغربية وجلالة الملك والرئيس المصري هما الاقدر على ذلك العمل السياسي المضني ، فهي حرب متصلة وساحة من ساحات التأثير النفسي والسياسي المقصود تجاه اجيال الشباب تحديدا ، فلا زالت سنوات الغليان والانفجار في حرب الايام الستة عام 1967 مستمرة .
فمعركة اليوم رغم جلالها وقدسيتها من قبل المقاومين الفلسطينيين الابطال لا نريد لها ان تكون مغامرة فردية : رصاص يرد على رصاص ، ومدافع تصرخ امام مدافع ، ودبابات تتناطح مع بعضها في الصحارى او الوديان .
فالصراع ما زال يدور رغم انف اسرئيل فالمنطقة كلها الان في حرب جديدة من نوع جديد فضحايا حرب الثلاثين سنة بين العرب واسرائيل لم تتجاوز ثلاثة وثلاثين الف ضحية بينما بلغ عدد شهداء غزة اربعين الفا ويزيد فيا ترى كم نريد من اهل الضفة الغربية من ضحايا وشهداء يا امة العرب ؟
نعم في الضفة الغربية معارك حقيقية تتجرأ فيها الحجارة على شن الحرب على دولة نووية ، والصراع الرئيسي لا زال بين الامة العربية جمعاء وبين الذين تربصوا بها طوال الحقب الثلاث التي استغرقتها حرب الثلاثين سنة التي اشرنا اليها وان تغيرت ميادينه وتبدلت مواقعه واختلفت اطرافه ولعل اسرائيل تحبرنا اليوم على حرب الابتزاز والتي عبر عنها صراحة ترامب بصفقة القرن وهي اكثر انواع الحروب مهانة وانكسارا .
وليس دون الله كاشفة .