في ظل الحديث المستمر عن الطاقة المتجددة كحل للمشكلات الاقتصادية والبيئية في الأردن، يبرز تساؤلا مهماً: هل الجهود المبذولة في هذا المجال قد أثمرت بالفعل نتائج ملموسة، أم أنها ما تزال في إطار الشعارات التي تروج لها الحكومة؟ التحولات الأخيرة في قطاع الطاقة، ولا سيما في مجال الطاقة المتجددة، تشير بلا شك إلى تقدم ملموس يعزز من مكانة المملكة على الساحة الدولية، إذ إن وصول نسبة استهلاك الكهرباء من مصادر متجددة إلى 27 % ليس مجرد رقم، بل هو إنجاز حقيقي يستحق الإشادة، ويعكس التزاماً جاداً من الحكومة في التحول نحو الطاقة النظيفة.
النظام الجديد الذي أُعلن عنه مؤخرًا، والذي يعفي مشاريع الطاقة المتجددة من الضرائب لسنة 2024، يُعد خطوة استراتيجية غير مسبوقة، فهذا النظام ليس مجرد تحفيز للاستثمار في القطاع، بل هو تأكيد على رؤية الحكومة لتحويل الطاقة المتجددة إلى ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.
وفي موازاة ذلك، فان إلغاء سقف الـ1 ميجاواط على مشاريع الطاقة المتجددة جاء في توقيت حاسم، وفتح الباب أمام المزيد من الشركات للاستفادة من هذه المصادر الحيوية، وهذه الخطوة ليست مجرد تعديل إداري، بل هي فتح لأفق جديد من الفرص الاقتصادية، حيث ستساهم في خفض تكاليف الإنتاج وتعزيز التنافسية، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على المستوى الدولي. مشروع تطوير حقل غاز الريشة وتحويله إلى مشروع وطني يُعتبر من الإنجازات الكبرى التي تحققت في مجال الطاقة، وهذا المشروع ليس مجرد تطوير لحقل غاز، بل هو تحول استراتيجي نحو تقليل اعتماد الأردن على واردات الطاقة، فتحويل الغاز إلى مصدر محلي رئيسي يعزز من قدرة البلاد على مواجهة التحديات الاقتصادية، ويضع الأردن في موقع أفضل لتحقيق استقلالية طاقية تدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وفيما يخص مبادرات دعم الأسر محدودة الدخل بتركيب أنظمة طاقة متجددة، فإن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في تحسين مستوى المعيشة لهذه الفئات، وهذه المبادرة لا تقلل فقط من الأعباء المالية على الأسر المستهدفة، بل تسهم أيضاً في نشر ثقافة الاستدامة الطاقية في المجتمع بشكل أوسع، لذلك فإن تمكين الفئات الأقل حظاً من الوصول إلى الطاقة المتجددة يعكس رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
أما مشروع تحديث وحدات الإنارة العامة في الشوارع، فهو خطوة تؤكد التزام الحكومة بتحقيق كفاءة أكبر في استهلاك الطاقة، لذلك فان استبدال وحدات الإنارة التقليدية بوحدات موفرة للطاقة ليس مجرد تحسين للبنية التحتية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر استدامة، سيساهم بشكل ملموس في تخفيض التكاليف الحكومية المتعلقة بالطاقة والصيانة على المدى الطويل.
ختاماً، تؤكد هذه الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة في قطاع الطاقة أنها ليست مجرد خطوات تجميلية، بل هي استراتيجيات مدروسة تضع الأردن على مسار صحيح نحو مستقبل مستدام وآمن وطاقة أفضل، فالإنجازات المحققة ليست وعوداً عابرة، بل هي حقائق واضحة على أرض الواقع، تجسد التزام الأردن الثابت بتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز سيادته في مجال الطاقة.