تشهد منطقة الشرق الأوسط توترات وصراعات متزايدة، نتيجة للاحتدامات السياسية والعسكرية التي تنشأ من الأزمات المستمرة ، و هذه الأحداث لا تؤثر فقط على الاستقرار الإقليمي، بل تفتح أيضًا أبوابًا جديدة للقوى الكبرى مثل روسيا والصين لتوسيع نفوذها وإعادة التموضع على الساحة العالمية ، وفي هذا السياق، يتضح كيف يمكن لهذه القوى أن تستفيد من الأزمات الإقليمية لتشكيل نظام دولي جديد يعكس أولوياتها ومصالحها ، من خلال ما يلي :
أولًا: الظروف الإقليمية الحالية ، حيث ينتج عنها :
1. التوترات الجيوسياسية ، سيما وأن الأزمات المستمرة في مناطق مثل سوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين، تخلق بيئة غير مستقرة تعزز من فرص القوى الكبرى للتدخل ، و في ظل ضعف الأنظمة المحلية وصعوبة حل النزاعات، تبرز روسيا والصين كبدائل استراتيجية لملء الفراغات التي تتركها القوى التقليدية مثل الولايات المتحدة.
2. التغيرات الاقتصادية ، في وقت يشهد الاقتصاد العالمي تغيرات كبيرة نتيجة لعوامل متعددة مثل الجائحة، وأزمات سلسلة الإمدادات، وارتفاع أسعار الطاقة ، و هذه التغيرات تخلق حاجة ملحة لدول المنطقة لتقوية علاقاتها مع قوى اقتصادية جديدة، مما يمكن روسيا والصين من تعزيز وجودهما كقوتين اقتصاديتين رائدتين.
ثانيًا: استراتيجية روسيا في المنطقة ، وتأتي من خلال :
1. التدخل العسكري والسياسي ، وتعتبر روسيا لاعبًا رئيسيًا في النزاعات في سوريا، حيث تدخلت عسكريًا لدعم النظام السوري، مما أتاح لها نفوذًا كبيرًا في معادلة القوة في المنطقة ، وهذا التدخل العسكري لم يعزز فقط من وضع روسيا كقوة عظمى في الشرق الأوسط، بل جعلها أيضًا شريكًا أساسيًا في عمليات السلام.
2. علاقات اقتصادية متنامية ، حيث تسعى روسيا لتوسيع نفوذها الاقتصادي من خلال تطوير العلاقات مع الدول المنتجة للنفط والغاز، مثل إيران والعراق ، و هذه العلاقات تهدف إلى تعزيز مصالح روسيا في أسواق الطاقة العالمية وتوفير بدائل لدول الخليج.
ثالثًا: استراتيجيات الصين في إعادة التموضع ، سيما وأن الصين تركز الآن على :
1. مبادرة الحزام والطريق، حيث تستخدم الصين مبادرة الحزام والطريق كوسيلة لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في المنطقة ، وهذه المبادرة تهدف إلى إنشاء شبكة من المشاريع الاستثمارية والبنية التحتية التي تربط بين آسيا وأوروبا عبر الشرق الأوسط، مما يفتح أمام الصين أسواقًا جديدة ويعزز من تأثيرها.
2. التعاون العسكري ، و
على الرغم من أن الوجود العسكري للصين في المنطقة لا يزال محدودًا مقارنة بروسيا، إلا أن هناك اتجاهًا متزايدًا نحو تعزيز التعاون العسكري مع بعض الدول مثل إيران ، و هذا التعاون يمكن أن يسهم في توسيع النفوذ الصيني في مجال الأمن الإقليمي.
رابعًا: التأثيرات على النظام العالمي ، وهذه التأثيرات حبلى بما يشي بولادة :
1. تغير موازين القوى ، فمع تصاعد نفوذ روسيا والصين في الشرق الأوسط، يمكن أن يتغير ميزان القوى العالمي ، وهذا التحول من شأنه أن يقلل من سيطرة الولايات المتحدة وحلفائها على المنطقة، مما قد يؤدي إلى تشكيل تحالفات جديدة غير مسبوقة في العلاقات الدولية.
2. الأزمات الإنسانية والسياسية ، لأنه ومع ازدياد التوترات وصعوبة حل النزاعات، قد تنشأ أزمات إنسانية تتطلب تدخلًا دوليًا ، وفي ظل هذا، قد تبرز روسيا والصين كقوى رئيسية قادرة على تقديم حلول بديلة، مما يعزز من موقعهما كقوى عالمية مؤثرة.
خامسًا: التحديات التي تواجه روسيا والصين ، كل ذلك يأتي ونحن ندرك حجم التحديات التي تواجه روسيا والصين ، مثل :
1. التوترات مع القوى الغربية ، وقد تؤدي تحركات روسيا والصين في الشرق الأوسط إلى تصاعد التوترات مع القوى الغربية، مما قد يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي ، و هذا الصراع يمكن أن يخلق بيئة غير مواتية للتعاون الدولي ويزيد من حدة النزاعات.
2. المخاطر الاقتصادية ، حيث
تواجه روسيا والصين مخاطر اقتصادية متزايدة، تشمل تراجع الأسواق، وتضخمًا مرتفعًا، وأزمات داخلية ، و هذه العوامل قد تؤثر على قدرتهم على تحقيق طموحاتهم في إعادة التموضع العالمي.
وخلاصة القول :
ان إشعال المنطقة يعكس الصراعات والتوترات التي يمكن أن تفتح الطريق أمام روسيا والصين لإعادة التموضع العالمي ، ومن خلال استغلال الفرص الناتجة عن الأزمات، تسعى هاتان القوتان إلى تعزيز نفوذهما، مما يغير معالم النظام الدولي القائم ، و بينما يواجه العالم تحديات جديدة، ستظل تلك الديناميكيات تمثل عنصرًا حاسمًا في صياغة مستقبل العلاقات الدولية ، و يتطلب هذا الواقع الجديد من الدول المعنية التفكير في استراتيجيات جديدة للتكيف مع المتغيرات وضمان مصالحها في عالم يتغير بسرعة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .