اضع في الملف التالي أبرز القضايا الأساسية في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، والمتعلقة بمنطقة الشرق الاوسط، حيث تتناول النقاشات حول الشرق الأوسط عدة ملفات رئيسية تتأثر بالعوامل الجيوسياسية والاقتصادية والإنسانية، وهذه الملفات تلعب دورًا في رسم مواقف المرشحين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وتؤثر على العلاقات المستقبلية للولايات المتحدة مع المنطقة. أبرز هذه الملفات تشمل:
العلاقات مع إسرائيل والفلسطينيين
نزاع وصراع يمتد لأكثر من مئة عام، وما يزال مستمرا مع تغيرات في مراحله واطرافه وهو الأكثر تعقيدا في التاريخ الحديث، ومر في حالات من المد والجزر، وفي كلا الحالتين كانت الولايات المتحدة الأمريكية حاضرة في هذا الصراع، كشريك في الصراع احيانا، وكوسيط سلام احيانا، وربما مواقف الحزبيين المتنافسين اليوم في الانتخابات هو امتداد لسياسات واشنطن الممتدة تاريخيا
الحزب الديمقراطي: من المتوقع أن يواصل المرشح الديمقراطي دعم حل الدولتين كمبدأ أساسي لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع التركيز على حقوق الإنسان والدعوات إلى ضبط النفس في النزاعات المسلحة. إدارة بايدن لم تتخذ خطوات جذرية مثل نقل السفارة أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كما فعل ترامب، ولكنها تحافظ على دعم قوي لإسرائيل مع إشارة إلى أهمية حماية حقوق الفلسطينيين.
اما الحزب الجمهوري: الجمهوريون، وخاصة في عهد ترامب، أظهروا دعمًا غير مشروط لإسرائيل، ومن المتوقع أن يستمر هذا النهج في 2024. الجمهوريون غالبًا ما يرفضون الدعوات لحل الدولتين ويؤيدون سياسات توسيع العلاقات مع إسرائيل من خلال اتفاقيات التطبيع مثل اتفاقيات إبراهيم.
التعامل مع إيران
الديمقراطيون: قد يسعى المرشح الديمقراطي، بايدن كامالا هاريس، إلى الحفاظ على الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران (خطة العمل الشاملة المشتركة). الهدف هو تقييد البرنامج النووي الإيراني والحد من التوترات العسكرية في المنطقة، مع استخدام العقوبات الاقتصادية للضغط، وفي الوقت ذاته لا تغفل الدور الإقليمي لطهران من دعم مليشيات وجماعات تصنف بالارهابية في لبنان، سوريا، العراق واليمن. وتولي اهتماما بحقوق الإنسان داخل إيران ومنها حماية الحريات وحقوق المرأة.
الجمهوريون: دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته (2017-2021)، اتخذ موقفًا صارمًا وعدائيًا تجاه إيران، معتمدًا على سياسة «الضغط الأقصى» بهدف تقليص نفوذها الإقليمي وكبح برنامجها النووي. هذه السياسة تختلف بشكل كبير عن سياسات الإدارات السابقة، وخاصة إدارة أوباما التي سعت للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وفيمايلي أبرز مواقف ترامب تجاه إيران كانت:
- الانسحاب من الاتفاق النووي (JCPOA)
-فرض عقوبات مشددة (سياسة «الضغط الأقصى»)
-زيادة التوترات العسكرية
-الضغط على حلفاء الولايات المتحدة
- دعم الحلفاء الإقليميين
-توجيه تهديدات متكررة باستخدام القوة
-عدم السعي للحرب الشاملة.
3- الصراع في اليمن وسوريا
الديمقراطيون:كامالا هاريس تميل إلى سياسة تقوم على تقليل التدخل العسكري الأميركي المباشر في الصراعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن وسوريا، مع التركيز على الحلول الدبلوماسية وحقوق الإنسان.
الجمهوريون: على الجانب الجمهوري، دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته السابقة، اتخذ مواقف متفاوتة تجاه الصراعات في اليمن وسوريا، بناءً على استراتيجياته التي ركزت على تقليل التدخل الأميركي المباشر في المنطقة وتعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة. ومع ذلك، كانت مواقفه في كلا الصراعين محاطة بالجدل، ولذا يركز المرشحون على دعم التحالفات الإقليمية ضد النفوذ الإيراني في هذه الصراعات، يمكن أن يكون هناك اهتمام أقل بالدبلوماسية لصالح سياسات أكثر صرامة تجاه الأطراف المدعومة من إيران مثل الحوثيين في اليمن.
مكافحة الإرهاب
الديمقراطيون:
موقف كامالا هاريس من مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط يوازن بين الاستراتيجية العسكرية المحدودة والتعاون الدولي والدبلوماسي. هي تفضل تقليل التدخل العسكري الأميركي المباشر، وتؤكد على أهمية الشراكات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، في حين تركز على الاستقرار والتنمية في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
لذا قد يواصل الديمقراطيون تركيزهم على استراتيجيات مكافحة الإرهاب القائمة على التعاون الاستخباراتي والدبلوماسي بدلاً من التدخلات العسكرية المباشرة. تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تفادي التورط الطويل في الحروب وتحقيق الأهداف الأمنية بالتعاون مع الشركاء المحليين.
الجمهوريون: قد يؤكد الجمهوريون على الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر لضمان هزيمة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الحلفاء في المنطقة.
اما موقف دونالد ترامب من مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط فكان يعتمد على استخدام القوة العسكرية بشكل قوي وفعال ضد تنظيم «داعش» والحركات الإرهابية الأخرى، مع التركيز على تقليص التواجد الأميركي المباشر في المنطقة. كان يسعى إلى ضغط سياسي واقتصادي على إيران باعتبارها داعمة للإرهاب، كما دعم التحالفات الإقليمية في سياق مواجهة النفوذ الإيراني، رغم الانتقادات المتعلقة بتأثير ذلك على المدنيين.
قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية
الديمقراطيون: داخل الحزب الديمقراطي، هناك تيار قوي يدعو إلى جعل حقوق الإنسان في الشرق الأوسط جزءًا أساسيًا من السياسة الخارجية الأميركية. يمكن أن نشهد ضغوطًا متزايدة على الحكومات الاستبدادية في المنطقة لتحسين سجل حقوق الإنسان والديمقراطية.
الجمهوريون: الجمهوريون عادة ما يركزون على الاستقرار والأمن القومي أكثر من قضايا حقوق الإنسان في التعامل مع الأنظمة السلطوية في المنطقة. هم يرون أن الحفاظ على الاستقرار هو الأهم لحماية المصالح الأميركية.
الطاقة والاقتصاد
الديمقراطيون: مع تزايد الاهتمام بالتغير المناخي، قد يدفع الديمقراطيون نحو تقليل الاعتماد على النفط من الشرق الأوسط، وتشجيع الطاقة النظيفة. لكن في الوقت نفسه، ستظل المنطقة مهمة بسبب إمدادات الطاقة العالمية وتأثيرها على الأسواق.
الجمهوريون: قد يركز الجمهوريون على أهمية الحفاظ على العلاقات مع دول لأسباب اقتصادية، بما في ذلك الاستمرار في تأمين النفط والغاز لتجنب ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 ستكون مؤثرة في تشكيل مستقبل العلاقات الأميركية مع الشرق الأوسط، حيث أن هذه الملفات ستظل محورية في النقاشات السياسية والدبلوماسية خلال الحملة الانتخابية.