حذّر الكاتب الإسرائيلي روجل ألفر في مقال نُشر في صحيفة "هآرتس" من أن إسرائيل تواجه أزمة وجودية تهدد استمراريتها كدولة، مشبّهًا حالتها بجذع شجرة يبدو متماسكًا من الخارج، لكنه متآكل من الداخل، مما يجعل العفن الداخلي يهدد بانهيار شامل ، ووفقًا للكاتب، هناك ست حلقات رئيسية تشكل هذا التهديد، وتقود إسرائيل نحو "الانقراض الذاتي".
1. الحرب الأبدية :
يشير ألفر إلى أن إسرائيل تعيش في ظلال حرب مستمرة منذ عام 1947 ، و هذه الحرب، وفق رؤيته، لم تتوقف يومًا، وأصبحت جزءًا من الحياة اليومية للمجتمع الإسرائيلي ، والوجود المستمر للانفجارات والملاجئ بات يشكل واقعًا دائمًا للإسرائيليين، حيث أصبح من الصعب تصور فترات هدوء أو سلام حقيقي ، ومع أن الكاتب لم يتطرق بشكل كافٍ للمعاناة الفلسطينية تحت الاحتلال، إلا أن وصفه لهذا الواقع يُظهر كيف أن هذا النزاع المستمر يُلقي بظلاله القاتمة على كلا الجانبين.
2. الاحتلال والفصل العنصري ،
فالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية وربما قريبًا شمال غزة، يشكل الحلقة الثانية من هذه الحلقات ، ويرى الكاتب أن الاحتلال لا يكتفي بالتوسع الجغرافي فقط، بل يشوه أيضًا بنية المجتمع الإسرائيلي ذاته ، سيما وأن تفاقم الاحتلال يؤدي إلى عدم استقرار داخلي وإلى زيادة الانقسامات بين الإسرائيليين أنفسهم، مما يضعف النسيج الاجتماعي ويزيد من احتمالات اندلاع الصراعات.
3. الدكتاتورية المتصاعدة ، وقد أشار ألفر إلى أن إسرائيل تشهد تصاعدًا في ما أسماه "الدكتاتورية المتنامية"، حيث يشكل حكم الفرد والهيمنة السياسية لليمين المتطرف والتفوق اليهودي تهديدًا على النظام الديمقراطي في إسرائيل ، وعملية "الانقلاب القضائي" التي بدأت بها حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى تحجيم السلطة القضائية وتثبيت السلطة في أيدي قلة من النخبة الحاكمة، مما يزيد من احتمالية ترسيخ نظام سلطوي يقضي على أسس الديمقراطية.
4. التركيبة الديمغرافية واليهود المتدينون ، والتركيبة الديمغرافية لإسرائيل تشكل الحلقة الرابعة من حلقات الانهيار ، و يذكر ألفر أن فئة اليهود المتدينين "الحريديم" تشكل تحديًا خطيرًا على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تعتمد هذه الفئة بشكل كبير على الإعانات الحكومية وتهرب من العمل والتعليم الأساسي ، و هذا الوضع يضيف عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الدولة ويزيد من التوترات بين الفئات السكانية المختلفة.
5. الأزمة الاقتصادية المحتملة ، والكاتب يتنبأ بأن الأزمات الديمغرافية ستؤدي إلى أزمة اقتصادية محتملة ، فالاعتماد المفرط على فئة صغيرة من دافعي الضرائب قد يؤدي إلى تدهور التصنيف الائتماني لإسرائيل وتزايد الأعباء المالية ، وهذا الوضع سيزيد من معاناة الإسرائيليين العاديين، الذين سيجدون أنفسهم يتحملون تكاليف اقتصادية متزايدة في ظل عدم استقرار اقتصادي ومالي.
6. التدهور البيئي ، وهذه
الحلقة الأخيرة في سلسلة التآكل، وفقًا لألفر، هي التدهور البيئي الذي يتفاقم بسبب الاكتظاظ السكاني والسياسات الحكومية الضعيفة ، و يُحذّر الكاتب من أن الفشل في معالجة هذه القضايا البيئية سيؤدي إلى تدمير النظام البيئي في إسرائيل ويزيد من تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية.ويخلص ألفر إلى أن هذه الحلقات الست مترابطة، وأن التخلص من إحداها لن ينقذ إسرائيل من الانهيار ، وحتى لو تم الإفراج عن الأسرى أو إسقاط حكومة نتنياهو، فإن ذلك لن يحل المشاكل العميقة التي تواجه المجتمع الإسرائيلي ، ويشبه ألفر الوضع بورقة خضراء تظهر على شجرة تملؤها الأوراق الميتة، مما يدل على تدهور عام لا يمكن تجاهله ، وفي النهاية، يجادل الكاتب بأن إسرائيل تتجه نحو "السقوط الحتمي"، وأن رفض مواجهة الحقائق الداخلية والتغاضي عن الحلقات الست يسرّع من هذا الانهيار ، حيث تواجه إسرائيل اليوم تهديدات وجودية عميقة، ليس فقط من الخارج، بل من الداخل أيضًا، مما يجعل المستقبل مليئًا بالشكوك والقلق.
ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .