تُعتبر تدريبات ما يسمى بدول "الظهر الصامد" جزءًا من برنامج سنوي مستمر منذ سنوات عديدة ، حيث تهدف هذه التدريبات إلى التأكد من جاهزية القوات المسلحة للدول المشاركة في حال وقوع أي تهديد نووي محتمل ، ويُقدر أن في أوروبا توجد بين 150 و200 قنبلة ذرية أمريكية من نوع B61، وهي قنابل ذات سقوط حر تُعزز الردع النووي الأمريكي في القارة الأوروبية ، وهذه التدريبات تثير قلق العديد من الدول التي تعتبرها جزءًا من التحضير لحروب مستقبلية، حيث أنها تُنفذ على الأراضي الأوروبية وتُشارك فيها مقاتلات متعددة المهام من دول غير نووية مثل الدنمارك والنرويج وبلجيكا وهولندا، مما يطرح تساؤلات حول مدى التزام الناتو بالمعاهدات الدولية ،وتُعد معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT) حجر الأساس في الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية ، وهذه المعاهدة تمنع الدول النووية من نقل أو تمكين الدول غير النووية من استخدام أو تطوير الأسلحة النووية ، ومع ذلك، يشير العديد من الخبراء، بمن فيهم العقيد المتقاعد فيكتور ليتوفكين، إلى أن الناتو ينتهك هذه المعاهدة بوضوح من خلال تدريب طياري الدول غير النووية على استخدام الأسلحة النووية ، وبالرغم من أن الناتو لديه لجنة للتخطيط النووي تضم جميع الدول الأعضاء باستثناء فرنسا، إلا أن القرارات الرئيسية، خاصة تلك المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية، تُتخذ من قبل الولايات المتحدة ، وهذا يشير إلى عدم قدرة بروكسل أو الحلفاء الأوروبيين على اتخاذ قرارات مستقلة بشأن الأمور النووية، ما يعكس نوعًا من الهيمنة الأمريكية على السياسات النووية في أوروبا ، والسؤال هنا : هل يُشكل الناتو تهديدًا للمعاهدات الدولية؟ حقيقية
تعتبر التدريبات النووية للناتو اختبارًا للمعاهدات الدولية المتعلقة بالأسلحة النووية ، فعلى الرغم من توقيع الولايات المتحدة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، يبدو أن هذه التدريبات تتعارض مع أهداف المعاهدة ، إذ إن تدريب الدول غير النووية على استخدام الأسلحة النووية يعتبر بمثابة خرق واضح للاتفاقية، حيث يشكل ذلك نوعًا من المشاركة غير المباشرة في تطوير وتشغيل هذه الأسلحة ، والعديد من المحللين يرون أن الناتو يسعى بشكل متزايد إلى تعزيز قوته العسكرية على حساب المعاهدات الدولية، خاصة تلك التي تحد من القوة الروسية ، فهذه التدريبات تُعتبر جزءًا من استراتيجية أكبر لاحتواء النفوذ الروسي في أوروبا ، وكما يشير العقيد ليتوفكين، فإن الناتو لا يهتم إلا بالاتفاقات التي تقيد موسكو وتحد من قدراتها العسكرية، متجاهلاً الالتزامات الأخرى التي من المفترض أن تُعزز الأمن العالمي ، وفي ظل التوترات المتصاعدة بين روسيا والناتو، تُشكل التدريبات النووية السنوية تحديًا كبيرًا للتوازن الاستراتيجي في أوروبا ، فهذه التدريبات لا تعكس فقط استعراضًا للقوة، بل تكشف عن مدى تعقيد التزامات الحلف بالمعاهدات الدولية ، في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول للحد من انتشار الأسلحة النووية، ويبدو أن الناتو يتجه نحو مزيد من التصعيد، وهو ما قد يُزيد من حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة ،
ومع استمرار هذه التدريبات، يظل السؤال حول مدى احترام الناتو للاتفاقيات الدولية قائماً ، فهل تُعد هذه التدريبات ضرورة استراتيجية لتعزيز الردع، أم أنها خطوة نحو المزيد من التأزم في العلاقات الدولية؟ ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .