في مقال نشره الكاتب الإسرائيلي ياعوز سيبر في صحيفة "زمن"، يعرض سيبر الأزمة التي تعيشها إسرائيل منذ الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، هذا الهجوم وما تلاه من أحداث كشف عن عجز الحكومة الإسرائيلية في حماية مواطنيها وإخفاقها في إدارة تداعيات الحرب المستمرة ، ويشير الكاتب إلى أن البلاد تعاني من حالة من الفوضى والخوف، وتفاقم التوترات الداخلية، ما أدى إلى تدهور اقتصادي واجتماعي، وأثار تساؤلات جدية حول مستقبل إسرائيل ، وسيبر يؤكد أن إسرائيل، رغم امتلاكها للتكنولوجيا الدفاعية المتقدمة مثل "القبة الحديدية"، لم تتمكن من حماية نفسها بشكل كافٍ من الهجمات المتواصلة بالصواريخ والطائرات المُسيرة القادمة من غزة، واليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق، وإيران ، وعلى مدى أكثر من عام، تتكبد إسرائيل خسائر فادحة، حيث قُتل أكثر من 1500 مواطن، واستنزفت قواتها الميدانية بسبب الحرب المستمرة دون أي بوادر لحل قريب ، وهذا الاستنزاف المستمر جعل القوات الإسرائيلية تعاني من الإرهاق والتعب، بينما تعجز الحكومة عن تقديم أي خطة واضحة لإنهاء الحرب أو استعادة الاستقرار ، ويوضح سيبر أن إسرائيل باتت تعيش في حالة من الشلل العسكري والسياسي، حيث تدهورت الأوضاع الأمنية بشكل خطير، ولا توجد مبادرات جادة من القادة السياسيين لمعالجة الوضع ،
ولم تقتصر الأزمة على الجوانب الأمنية فقط، بل امتدت إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ، فقد أفرغت مناطق الشمال وغلاف غزة من السكان نتيجة للتهديدات المستمرة، حيث أصبح مئات الآلاف بلا مأوى أو مستقبل واضح ، وإلى جانب ذلك، تصاعدت التوترات الداخلية بين فئات المجتمع، ما ساهم في زيادة الاضطرابات والخوف ، ويضيف الكاتب أن إسرائيل تواجه موجة هجرة غير مسبوقة للكفاءات والعقول المبدعة، التي فضلت الهروب إلى الخارج بحثًا عن الأمان والاستقرار، ما يعكس فقدان الأمل في مستقبل مشرق داخل البلاد ، وبدلًا من التقدم والازدهار الذي كان متوقعًا، غرقت إسرائيل في مستنقع حرب مفتوحة على جبهات متعددة، دون وجود خطة واقعية للخروج منها ، وينتقد سيبر بشدة الحكومة الإسرائيلية لعدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية ومستقلة للتحقيق في الأحداث الكارثية التي مرت بها البلاد ، واعتبر أن الفشل السياسي يتمثل في غياب الرؤية الواضحة والإستراتيجية لإنهاء الحرب، مشددًا على أن تدمير البنية التحتية في غزة أو استهداف قادة الفصائل الفلسطينية المسلحة لن يحل المشكلة ، و
بالنسبة للكاتب، الفشل السياسي لا يقتصر على الحاضر فحسب، بل يمتد إلى المستقبل ، والحكومة الحالية عاجزة عن اتخاذ أي خطوات ملموسة نحو تغيير الواقع، مما يزيد من تعقيد الوضع ويؤدي إلى استمرار النزيف الأمني والاقتصادي ، وفي ختام مقاله، يرى سيبر أن استمرار الحرب لن يجلب النصر المأمول، وأن إسرائيل لن تتمكن من الخروج من أزمتها إلا إذا قررت وضع حد لهذا الصراع المستمر ، و يشير إلى أن الخطابات الحماسية التي يلقيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول "الانتصارات العسكرية" لم تعد تقنع الشعب الإسرائيلي الذي يرى أن خسائره اليومية في الأرواح والاقتصاد تتزايد ، و
الحل الوحيد الذي يراه سيبر لإنقاذ إسرائيل هو إنهاء الحرب وتغيير الحكومة ، يجب أن تبدأ البلاد في مرحلة جديدة تركز على إعادة بناء المجتمع وتحقيق الاستقرار، بعيدًا عن دائرة العنف والدمار ، ويدعو الكاتب إلى تغيير سياسي جذري يتضمن رؤية مستقبلية تعيد الأمل إلى الشعب الإسرائيلي وتضع حدًا لجولات الحرب المجنونة ، وفي مقاله المؤثر، يُسلط سيبر الضوء على وضع إسرائيل الحرج، حيث تستنزف الحرب إمكانياتها وتُهدد بقاءها على المدى الطويل ، ويدعو إلى التفكير في حلول حقيقية ومستدامة تُنهي هذا الصراع وتُمهد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا ، وبالنسبة للكاتب، السبيل الوحيد لذلك هو إنهاء الحرب، وإحداث تغيير جذري في القيادة والسياسات التي تُدير البلاد. ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .