عصا سيتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ، إنها عصا يحيى السنوار التي حارب بها حتى آخر نفس ، القائد الذي صال وجال في الصفوف الأمامية ، وقاتل حتى النفس الأخير إن لم يكن بسلاحه فبالعصا .
رجل كهل خطا نحو الستين ، كان متموضعًا على الأريكة ملثمًا ومثقلًا بالجراح منتظرًا أن يلقي ضربته الأخيرة في وجه الاحتلال ولو بعصا ، وبدون مرافقة ولا حراسة ، ولا يحيط نفسه بالأسرى كما يزعمون كدروع بشرية ، وليس هاربًا ولا يتنكر بملابس النساء ، ولا بحوزته مالًا ولا طعامًا ، وإنما مقاومًا مقارعًا حتى بيدٍ واحدة وعصا .
كان يبحث عن الشهادة في غزة ، فقد قاتل بشجاعة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في ساحة المعركة ، وأن مصيره الذي صوره المشهد الأخير بشكل جميل لن يثني أحدًا عن مواصلة المعركة ، بل سيصبح مصدر إلهام لجميع المقاومين .
( عصا السنوار ) تحولت إلى رمز للقوة والإصرار في مواجهة الاحتلال . و كمؤشر على تصميمه ، وموقفه الصارم تجاه القضايا الوطنية .
لقد تحولت العصا ، لتحمل رمزية إنسانية ، ترمز إلى إرادة الصمود والثبات ، هذا الاستخدام الرمزي يتعدى مجرد الأداة ، ليعبر عن القيادة الراسخة والشجاعة ، والتحدي أمام التهديدات .
العصا هنا ليست مجرد قطعة خشبية للاتكاء ، بل هي تعبير عن قوة الإرادة ورفض الرضوخ ، وتمثل روح المقاومة حتى مابعد اللحظة الأخيرة .
وفي النهاية ارتقى بطلًا شهيدًا ، مقبلاً غير مدبر ، ممتشقًا سلاحه ، مشتبكًا ومواجهًا لجيش الاحتلال في مقدمة الصفوف ، يتنقل بين كل المواقع القتالية صامدًا مرابطًا ثابتاً على أرض غزة العزة ، مدافعًا عن أرض فلسطين ومقدساتها ، وملهمًا في إذكاء روح الصمود والصبر والرباط والمقاومة .
وسيقول العرب غدًا في أمثالهم : ألقى عصا السنوار ، كانت عصاه كعصا السنوار ، عصا السنوار آخر سلاحه ، رفع عصا السنوار في وجه التحدي .
الكاتب والباحث - سرهاب البسطامي