في خطوة تعكس تصاعد المخاوف من التهديدات الإيرانية المتزايدة، قامت الولايات المتحدة بنشر نظام الدفاع الجوي المتطور "ثاد" (THAAD) في إسرائيل، لتعزيز دفاعاتها الجوية ضد الصواريخ الباليستية والفرط صوتية الإيرانية ، وهذه الخطوة تشير إلى تخوف واضح لدى البنتاغون من القدرات الصاروخية لطهران، وتعتبر إشارة قوية على استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن حليفها الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ، ويأتي نشر نظام "ثاد" في وقت حساس، حيث تعرضت إسرائيل مؤخرًا لهجوم إيراني في مطلع أكتوبر، مما دفع طهران إلى التهديد بالرد بطرق "غير تقليدية"، في حال ردت إسرائيل على الهجوم الإيراني ، وهذا التهديد يفتح الباب لاحتمالات استخدام إيران لصواريخ باليستية وفرط صوتية بقدرات تدميرية هائلة، الأمر الذي دفع البنتاغون لاتخاذ تدابير إضافية لضمان حماية إسرائيل من هذا الخطر ،
وتعتبر هذه الخطوة استكمالاً لمنظومة الدفاع الإسرائيلية التي تشمل "القبة الحديدية"، و"الباتريوت"، ونظام "إيجيس"، والتي لم تستطع اعتراض جميع الصواريخ الإيرانية الأخيرة ، ويُظهر نشر "ثاد" في إسرائيل مدى جدية البنتاغون في التعامل مع خطورة التهديدات الإيرانية والقدرات الصاروخية المتطورة التي يمكن أن تهدد أمن المنطقة بأسرها ، ويشكل نشر "ثاد" إضافة هامة إلى منظومة الدفاع المتعددة الطبقات التي تعتمد عليها إسرائيل ، مع أنظمة مثل "الباتريوت" و"إيجيس" و"القبة الحديدية"، ويبدو أن إسرائيل بفضل هذه الإضافة النوعية تمتلك حالياً أكثر فضاء جوي حراسةً وتحصينًا على المستوى العالمي ، سيما وأن هذه الأنظمة تعمل بتنسيق مستمر لضمان اعتراض الصواريخ من مختلف الأنواع، سواء تلك التي تستهدف إسرائيل من مسافات قريبة أو التي تأتي بسرعات فائقة ، ولعل ما يميز "ثاد" هو قدرته على اعتراض الصواريخ الباليستية على ارتفاعات عالية، سواء داخل أو خارج الغلاف الجوي، وهو ما يعزز من فرص إسرائيل في التصدي للصواريخ الإيرانية المتطورة التي تهدد أراضيها ، ومع تواجد خبراء الجيش الأمريكي لتشغيل هذا النظام، فإن فعالية الدفاع الجوي الإسرائيلي ستكون في أقوى حالاتها ، في الوقت الذي يشي فيه النشر المتزايد لأنظمة الدفاع الجوي في إسرائيل إلى أهمية وخطورة التصعيد المتزايد بين طهران وتل أبيب ، خاصة وأن تهديدات إيران الأخيرة بإطلاق صواريخ باليستية وفرط صوتية تعد نقلة نوعية في استراتيجية الردع الإيرانية ، وبالتالي فإن هذه التهديدات تعزز من حاجة إسرائيل لزيادة التحصينات الجوية والدفاعية بشكل عاجل، إذ تدرك القيادة الإسرائيلية أن إيران قد تلجأ لتصعيد الصراع باستخدام هذه الصواريخ عالية الدقة والمدمرة في آن معاً ، ومن جهة أخرى، يرى بعض المحللين أن نشر "ثاد" يعكس فشل الأنظمة الحالية في التصدي لجميع التهديدات الجوية، خاصة مع التقارير التي تشير إلى عدم اعتراضها لصواريخ فرط صوتية من اليمن ، وهذا ما يعزز فكرة أن التحالف العسكري الأمريكي-الإسرائيلي يعمل باستمرار على سد الفجوات وتحسين القدرات الدفاعية لمواجهة التهديدات المتزايدة ، سيما وأن نشر الولايات المتحدة لأنظمة "ثاد" في إسرائيل له تداعيات جيوسياسية هامة ، إذ يعزز من التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويظهر مدى التزام واشنطن بالدفاع عن حليفها ضد التهديدات الإيرانية ، وكما أنه يمثل جزءاً من استراتيجية أوسع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث سبق لها نشر هذه الأنظمة في دول أخرى مثل الإمارات والسعودية، كإجراء احترازي لحماية قواعدها ومصالحها في المنطقة من هجمات محتملة ، ويبقى نشر نظام الدفاع الجوي "ثاد" في إسرائيل يمثل تطورًا حاسمًا في توازن القوى الإقليمي، ويعكس مدى استعداد الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة التهديدات الإيرانية المتصاعدة ، وهذه الخطوة تعزز من قدرات الدفاع الجوي لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تسلط الضوء على تصاعد الصراع في المنطقة، وتثير تساؤلات حول احتمالات اندلاع حرب إقليمية شاملة ،و في ظل هذه التوترات، تظل السماء فوق إسرائيل الأكثر حراسة في العالم، ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى ستظل هذه الدفاعات كافية في مواجهة التهديدات المتزايدة على إسرائيل ؟!! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .